بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

السبت، 16 يناير 2016

العرض الأخير ...

By 10:01 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 




في اليوم الموعود … اليوم الذي  إنتظره كثيرا … و كان إنتظار مشوق … عدد أيامه … و حتى دقائقه … و مصادفة اليوم … كان كل شيء كما لو أنه أختاره مسبقا … السماء صافية … النسمة هادئة … الشمس لطيفة … تناغمت المدينة معه حيثما ذهب … لم يشهد في ذاك اليوم أي نوع من أنواع التأخير أو حتى إزدحام في أي من إشارات المرور التي مر بها … تناسق كامل اليوم … كتهيئة  موعد مهم … وهو مهم فهو في الإنتظار منذ الصيف الماضي … 

حجز مقعده في العرض الأول منذ الإعلان عن موعد إطلاق الفلم الذي كان إنتظاره مطولا و مشوقا بكل الإعلانات و اللقطات الدعائية التي… سبقت يوم الإطلاق و العرض المنتظر … وها هو ذا … 
يعرف أنه ليس قادر على الوصف … و يعرف أنه عاجز عن التفكير أكثر … لشدة الفرحة … 

كان الإطلاق في أضخم صالة عرض …مجهزة تجهيزا غير مسبوق … و كانت مفاجأة له عندما … عرف أنه سيحضر العرض الأول للفلم و يكون أبطاله و مخرجه و منتجوه حاضرين في ذات القاعة … لم يصدق هذا ... حجز مكانا مناسبا في الصالة بكرسي متكئ و أحضر معه غطاء و ملذات المشاريب و المقرمشات و قطع الحلوى و الشكلاتة ولم ينسى حبوب الذرة المفرقعة المرشوشة بالكراميل الذائب و عصير الفاكه الطازج البارد لإنعاش اللحظة ... 

المتكأ كان ناعما و الفلم كان رائعا ... قصته مشوقة تمثيله متقن برع المخرج في أن يجعلنا نعيش معه… خاصة مع وجود المؤثرات التي إمتلأت بها صالة العرض من مكبرات صوت محيطة تجعلك تشعر وكأنك داخل أحداث الفلم … والأصوات كلها حولك بكل تفاصيلها الدقيقة … 
لجأ لغطائه مرات عديدة لكثرة ما إندمج في الفلم و أحداثه و زاد من التشويق نسيان أنه حاليا جالس يشاهد وليس احد أطراف الفلم ذاته ...
فعلا إعداد رائع و ناجح و إخراج وإنتاج و تمثيل مفعم بالواقعية و قوة الأداء ... 
أعجبه كل شيئ من التجهيزات إلى القاعة إلى ... كل شيء … صراحة كل شيء فيه كان كاملا مكملا … 
لا يمكن أن يشتكي أو يرفض و يتحجج بشيء أبدا ... أبدا …
إنتهى العرض … و أضيئت الأضواء الخافتة … و أسماء القائمين على إنتاج و تحقيق هذا العرض تُعرض … و الجميع يصفق … و هو مذهول بما عاش من لحظات … مازال تأثيرها عليه قائما … 

وقف و إلتفت ليرى نظرة الإعجاب على وجوه الحاضرين … و الإبتسامة تعلوها … و بعضهم يحاول مصافحة المخرج و الممثلين و الحصول على توقيعاتهم … و هم في غاية السعادة لما رأوه من تقدير و إعجاب على وجه الحاضرين … كان شعورا غامرا … أن تشهد كهذا العرض … 

أخذ الجمع في الخروج من المكان … و الكل يعبر عن ما أعجبه … و كان هو لوحده لم يصحب صديقا أو رفيق … خرج و مشاعر تأثير ما شاهد مازالت بداخله قائمة … خرج و قد غابت شمس ذاك اليوم اللطيف … و أخذ يمشي في شوارع هادئة … قليلة المارة … إضائتها خافتة … و أخذ شعور ذاك الشعور  يراوده مجددا كما كان دائما يفعل … 

لماذا دائما أنا في موقع المتفرج…؟
لماذا أنا دائما في صف المخدوم ولست في صف الخادم … ؟
لما لست أنا من ينتج و يصنع ليشاهد الآخرين و يحصد إعجابهم…؟
لما دائما أقضي وقتي في رؤية ما يتعب في إعداده غيري ولا أفكر أنا في صنع شيء ما بنفسي …؟


يجب أن أغير هذا … يجب أن يكون لي في هذا العالم بصمة تذكره بأني ولدت و عشت وفيه أثرا تركت … ولا يجب أن يكون مجيئي و بقائي و خروجي منه … بلا أي تأثير …  فماذا إن كان هذا آخر عرض في حياتي … 

شكراً... 

0 التعليقات: