بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الجمعة، 13 أكتوبر 2017

تعالي لنتفاهم…

By 10:52 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته 


واقف عند الشرفة يراقب طيورا تأخذ بالأسباب نقرا في الأرض تخرج رزقا مقسوم لها به إلى أعشاشها تطير... يتراقص عصفور يغري عصفورة غريزة بأن له شريكة في بناء عِش تكون… 

غبطة منه لهم في قلبه... أنهم ما قبلوا الأمانة ... وهو بجهله قبلها وها هو يجاهد نفسه لأجل حق له في الحياة ويصارعها ولا يلبث حتى نفسه يعود و يظلم… 

وضع الكوب على حافة النافذة… وإلتفت إليها وكله نظرة حازمة جادة أنه لابد أن ينهي الأمر اليوم في هذه الجلسة... أجلسها أمامه وقال… لابد لنا أن نتفاهم … لا يمكن أن نستمر بهذا الشكل وكأننا أعداء نحارب بعضنا وسيحظى بالأرض من يفوز على الآخر… لماذا تعاملينني كأنني وأنت مختلفان؟ ألسنا واحد لا نتجزأ؟ ألم يرتبط مصيرنا بعضنا ببعض؟ ألا تحزني لحزني وأتعب لتعبك؟ 
ردي علي أخبريني ماذا تريدي مني بعد كل الذي من أجلك فعلت؟ 

أسعى … بل سعيت لتوفير كل ما أردتي ، وإن كنت أعجز أحيانا كثيرة ليس لعدم رغبتي ولكن …
توقف عن الحديث إقترب منها وجه بوجهها وقال صارخا… لما لا تردي علي؟ لا تجلسي كصنم تطالعيني كالبلهاء وكأنك لست مذنبة ولم تكوني أنت من جرني لما أنا فيه… 

وقف وأعطاها ظهره وإتكأ على حافة النافذة وأخذ يطالع السائل البني المخلوط بالحليب في قاع الكوب … ودوائر إهتزاز وضعه ليده تتوالى وتتقاذف قطرات علت وهبطت كصدره لشدة تسارع الإنفاس…

أريد حلا الآن… لم أعد قادرا على الإستمرار … ما تطلبيه مني فاق قدرتي وتحملي، وإن كنت حقا أريد ، أقسم أني أريد أن أحصل على كل شيء  أكثر منك رغبة أنا فيه، ولكن لن أستمر في طاعتك في كل ما تريدي بالطريقة التي لا تهتمي كيف تكون… فطريقتك لا تعترف بأصول أو حدود… كل ما تريدي هو أن تصلي لمرادك … ولكني أعترض لأني أعرف أن هناك حواجز يجب أن لا أتخطاها… ولكن … أعود وانفذ ما تريدي! … لما أضعف أمامك... أجيبي...
ردي علي!… لا تحدقي بي هكذا … نشطة جدا عندما تلحي على ما تريدي ولا تفلتيني حتى أفعل ما تريدي… لما تصمتي الآن؟ 
أجيبي!

قالها بصوت كالرعد إهتز معه الكوب وطارت العصافير… فحدقت به ببرود وبصوت خافت جدا كمن يحدث نفسه قالت… لم أكن أنا من يطلب منك ذلك…
بل أنتِ من طلب ذلك وأنتِ من ألح علي فيه … لا تتهمي غيرك… وأعرف أنك دائما تريدي الشيء ذاته… لا يتغير إلحاحك ولا يتغير طلبك… أخبريني ما أجبت ربي عدنما سألني؟

أتحمل بنفسي جرائر إتباعي لرغباتك؟ وما الذي سأستحق بذلك؟ ستحملي عني أنت ما جررتني له؟

لا لن يكون ، لن أخضع لك بعد الآن… ولن أنفذ ما تطلبي وسأقاومك بكل ما لدي ، سأشغل نفسي عن كل ما تلحي به علي وإن كنت أريده سأختار طريق لا أندم معه على كل ما أفعل مجرد أن أنتهي منه، طريقا فيه حلال لا أشقى بعده معك… 

وقفت مستهزئة به يدها على خصرها قائلة… ما أجبرتك على شيء فقط أريتك الطريق وأنت من أعجبك فإتبعت… لا تلمني...
إنما أنت فقط من ألوم ، حياتي قبلك كانت هادئة بسيطة لم أرتكب فيها أي حماقة من حماقاتك التي تطلبي... أنت من جرني لكل هذا ولابد أن تنتهي وإلا فإني سأقضي عليك بنفسي...

صمتت ولم تتكلم ، بدا أنها شعرت بالخوف فقد رأت غريمتها...  وإصراره هذه المرة على التوبة كان واضحا... ولم يرغب في العودة لفعل كل ما تحدثه به نفسه و تصر به عليه... هي تقول أنها لم تكن السبب... ولكنه يعرف أنها السبب لأنها تلح علي لفعل ذات الشيء دون تغيير... 
أخذ الكوب ورشف آخر مافيه وهو ينظر لذاك العصفور وعصفورته بدأوا في جمع أغصان بناء عشهم... والإصرار في قلبه وعقله على أن لا يطيع نفسه مجددا ولا يكرر ما تريده ويجد لنفسه طريقا أفضل لفعل ما تأمره به... وضع الكوب وكله إصرار أنه سيوقفها عند حدها... فما هناك تفاهم مع نفس أمارة بالسوء إلا تغليب اللوامة التي يسهل معها التفاهم.


شكراً







أكمل قراءة الموضوع...