بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الثلاثاء، 8 مايو 2018

اليوم يا أحبابي سأحكي لكم قصة...

By 10:02 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


اليوم يا أحبابي بنحكييلكم قصة حلوووة حتحبوها ، فهلل التلاميذ وإستبشروا أن الحصة اليوم لن تكون مملة بالنقل من كتابة المعلمة عن السبورة لينتهي الوقت قبل أن يكمل أي منهم ما كتبته... وما أن رأت المعلمة علامات الفرحة على وجوههم... أخذت كرسيها وجلست والكل منتبه منصت في إنتظار القصة... وفي ذهنها تحاول تصوير القصة حتى تبسطها لهم ليفهموا المغزى منها ولا تحكيها لهم بإسلوب أكبر من أعمارهم... فأخذت تعابير وجهها في التغير والتبدل، وعينها في الكبر والصغر بالتحديق والإغماض، ويديها في الحركة بوصف الأحجام والأماكن وهي تحكي قصتها... 

كان يا ما كان في قديم الزمان... قبيلة كبيييرة من النمل تعيش في وسط الغابة الكبييييرة ، و كان عددهم كبييير جدا بالتأكيد تعرفون النمل وأعداده الكبيرة،  تعمل وتجد طوال اليوم... عمالها يجمعون كل طعام يجدونه في طريقهم، وأي طعام يخبرهم به النمل الكشاف، تعرفون أن هناك نمل كشاف يخرج ليستكشف الطعام ثم يعود ليخبر العمال ليتم جلبه وتخزينه كما كان هناك نمل حراسة ونمل رعاية منزلية وكل الوظائف، وكان من بين النمل نملة نشيييطة جدا وتحب العمل، هي أول من يفيق نهارا وآخر من ينام ليلا، وهي من يحث الجميع على النشاط والعمل... وفي يوم من الأيام تصادف لقاء النملة النشطة بنملة متكئة على جانب الطريق تركت العمل ولا تفعل شيئا... ووجه المعلمة يرسم علامات الإستغراب وتغير صوتها وهي تقول... لماذا لا تعملي أيتها النملة؟ ماذا هناك هل أنت بخير؟ 
لترد النملة بإهمال بالغ وكسل واضح، لا حاجة لي بالعمل فالطعام موجود في كل مكان ولست بحاجة لتخزينه كما تفعلون، أنتم تضيعون وقتكم فقط، وأنا أفضل أن أستغل وقتي في الإستجمام والإستمتاع بالحياة، ألا تري أن الحياة جميلة وتستحق أن نعيشها متعة بعيدا عن العمل والشقاء طوال اليوم ألم تملوا؟
فردت عليها النملة النشطة قائلة، ولكن هذا الطقس لن يستمر طويلا وسيأتي الشتاء ولن نستطيع الخروج عندما تهطل الأمطاااار وسيصاب الجميع بالجوع ولن نستطيع العيش إن كنا سنفعل ما تفعليه أنت... 
أفاق من نومه أحد التلاميذ عندما ضحكت المعلمة ممثلة ضحكة النملة الكسولة وهي تقول... إفعلي ما شئتي ولكنني واثقة من نفسي وأعرف ما أفعله ويكفيني ما أحصل عليه من راحة ولعب أنت محرومة منه... وأنصحكن قالت مخاطبة للنملات الأخريات أن لا تضيعن وقتكن وتعالين نتسلى فالحياة فيها أكثر من العمل والبقاء طوال الوقت بين الحفر و الدهاليز... فما كان من بعض النملات إلا أن نظرن لبعضهن البعض وإخترن اللحاق بها هربا من العمل وهربا من الالتزامات والمسؤولية التي كانت على كاهلهن... فأخذت النملة النشيطة تحاول منعهن وتخبرهن أن يبقين يدا واحدة وأن قوتهن في إجتماعهن وأن تفرقهن سيسبب في كارثة كبيرة للقبيلة كلها ولن ينجوا أحد، لابد أن تتوحد جهودنا... وأخذت ترجوهن وترجوهن ولكن كان العدد في تزايد لمن ذهبن للتسلية وترك العمل... 
لاحظت المعلمة أن الملل دب في أعين تلاميذها فأخذت تنهي القصة بسرعة وتختصر حتى قالت...
وفي يوم من الأيام، غابت الشمس بين السحب وأصبحت السماء رمادية وأضاءت السماء بالبرق وسمع صوت الرعوود بوووم... وهطلت الأمطار فإكتشفت النملة الكسولة ومن معها أن النملة النشطة كانت على حق وأن الوقت فات وأنه ما كان يجب أن تتفرق كلمتهم وكان يجب أن يبقوا مع بعض ويعينوا بعضهم البعض حتى ينجوا جميعا...
لم تجد المعلمة أي حماسة من تلاميذها فتوقفت عن الحديث وقالت ما رأيكم في القصة يا تلاميذي الحلوييييين؟
ولكن وكأن التلاميذ كانوا في فترة قيلولة لم تصدر عنهم أي ردة فعل مما أصاب المعلمة بشيء من الإحباط، حتى رفع أحدهم يده مستأذنا المعلمة بقول كلمة... فأشارت إليه أن يقف ليقول ما يريد... فإلتفت له الطلبة بكسل وملل بالغين... 


وقف التلميذ هندم نفسه نظر مباشرة للمعلمة ثم إلتفت للتلاميذ وقال ... قصد المعلمة أن تقول يا أصدقائي وزملائي الطلبة ، أن من جد وجد و من زرع حصد وأن الله أمرنا بأن نعتصم بحبل الله جميعا ولا نتفرق وإن تفرقنا فإننا سنضعف وسيسهل النيل منا...

عندها صاح الفصل ، ايوا هو هكي الكلام ما كان قلتي من الأول يا أبلة هكي فهمنا مزبوط ، لكن كبيييرة و حلوووة هذا إسلوب متع بيبيات نحن ثانية إبتدائي راهو مش صغار ... 


شكراً...
أكمل قراءة الموضوع...

الاثنين، 7 مايو 2018

حفل التخرج...

By 11:14 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته



على السرير ممد أخذته عنهم بعيدا غيبوبة، ورأسه بالجبس معصوبة... أنابيب تخرج من فمه ممتدة إلى أجهزة إنعاش والساق معلقة في الجبس مغروسة، واليد في مستواها أيضا معلقة محبوسة... لا يبدو منها إلا أصابع لا تتحرك ولكنها بما ألم به لم تتأثر... والصمت في الغرفة إلا من صوت طنين الآت النبض ، وأمام الباب يقف صديق العمر في أسى متحسرا على ما آل إليه حاله وإحساس الذنب يثقله.
لم يستطع مواجهة نظرات أم جالسة بجانب إبنها والدمع جمر من عينها يتهاطل... باقة الورد بجانب السرير لم تغني عنه شيئا ولم تفد...
إلتفت عائدا والدنيا تبدو حملا ثقيلا على كاهله ولا يدري ما الذي أوصلهم لهذا الحال ... وإذا به يلتقي والد صديقه عند المخرج وقد عرفه، صديق إبنه الذي يرقد على الفراش بين الحياة والموت ... شعر بأنه صغير جدا أمامه ولم يستطع حتى النطق بشيء وماكان من الوالد إلا أن إستمر في طريقه والصمت يلفه بأسى...
صعد السيارة وكان أصدقائه في إنتظاره...
فقال أحدهم : طمنا إن شاء الله خير كيف حاله توة؟
وكذا إنحنى الآخر من الكرسي الخلفي متسائلا ، طمنا شن صار ...
رمقهم بنظرات جارحة حزينة ولكنه لم يقل شيئا ... وأنطلق يقود السيارة نحو الكلية ... وما أن ركن ونزل الجميع منها حتى وجدوا بقية الأصدقاء في الإنتظار لمعرفة حال زميلهم ووضعه ، فتجمع جمع منهم حولهم يسألون...
شن صار؟ طمنا؟ وين في أي مستشفى راقد؟
سألوا الجميع ولكنهم لم يجدوا أي رد فتوجهوا له مباشرة  فوقف وقال
باهي توة عاجبكم شن درنا في الراجل توة هكي؟ معقولة مستقبل الولد ضيعتوه؟ وعلى خاطر شني؟
غير إستهدي بالله تقدم منه أحدهم قائلا، إستهدي بالله تعال طمنا شن صار معه ما تخلعنا توة تقول ضيعتوا مستقبله مش ناقصين رعايش حني...
تي شن شن صار معه الراجل هونا ملوح في المستشفى مجبس راسه ورجليه ويديه وما يندري على الدنيا وين ، تي والله كان شفت أمه ولا بوه الي ما قدرت نرفع عيني فيه وتمنيت الدنيا بلعتني لما تلاقيت معه في الباب
لالا قصدك تلاقيت مع بوه؟ شن قالك بالله؟
شن بيقولي بالله عليك ، يوم جاي بيفرح بولده نرقدوهوله في المستشفى؟ و على خاطر شني؟
فإذا بأحدهم يقفز من مكانه معارضا معترضا غير مبال بما يحدث وما يقال ، تي بالله فكنا من الجو توة ما تكبرش الموضوع الي يسمعك يقول فجرناه بعبوة ناسفة ولا رميناه بأربيجي ... كلها كلها نبو نفرحوا بيه زيه زي غيره شن فيها يعني كان صحابك فرحوا بيك؟
تفرح بيا ترقدني في المستشفى؟ هكي الفرح هو؟ تي شن تقول أنت بعقلك ولا!.
بعقلي امالا شنو وزيه زي غيره وكان تبي الحق هو إلي دار الجو وما خلاها تمشي زي الناس الثانية هونا كلها فرحت وتخرجت وما صار شي وكل واحد كلا ما كتب ربي وجوه مليح وما قعدوله منها إلا الصور والذكريات المليحة ، تي فكونا من جو الحنية متعكم وعيشوا حياتكم مش أول ولا أخر واحد...
تي بعقلك أنت ولا واخذ حاجة؟ تي الي صار هذا لا قال به العقل ولا قال به الدين ، أنت عارف النبي عليه الصلاة والسلام شن قال على حاجات زي هذه ولا؟ أكيد تعرف ولا نذكرك؟
ايح اطلعلي فيها شيخ توة ... هي بالله أنستو بعض الدوة معكم غير زايدة انتو حتى الجو المليح بتخششو فيه الدين بطلعلهولي حرام توة ...
أكمل جملته وإنصرف ملوحا بيديه غير راض عن مجرى الحديث دون أن يلتفت وهو يتمتم . قلبوهالي دراما توة الناس من يومها ادير في الجو وتستمتع به كل حاجة فيها جو بيطلعوهالي حرام تي فكني منك بالله أنت وياه ... وتبعه بعض الحاضرين أيضا موافقينه فيما قال ...
إقترب أحدهم متسائلا ، توة قلت النبي تكلم على الحاجات هذه نورنا بالله عليك ، الحق ما عندي فكرة أنا نشوف في الجماعة كلهم الي يتخرج يوتوله في طبخته زيه زي غيره وهذه طقوس التخرج بصراحة من يوم خشيت الجامعة وأنا نشوف فيهم يديروا فيها أنت بس توة طلعت قلت شن قال عليها النبي قولي شن قال
ايه توة دير روحك ما تعرفش امالا تقرا في الكلية ومازالك سيمستر واحد و تتخرج شن قاعد ادير؟
والله الكلية ما يقروش فينا شن قال الرسول ولا شن قال ربي ...
ماهو الحاجات هذه بدور عليها بروحك ما تراجيهم يقروهالك في الجامعة وكان أنت ما تعرفش أهو نقولك إن أهم قاعدة فقهية من قواعد الإسلام تقول لا ضرر ولا ضرار
وشن تطلع هذه لا ضرر لا ضرار ، ضرر نعرفه إنك تضرر يعني تتسبب لك في ضرر ولا
لا ضرر ولا ضرار هي قاعدة من أصول الفقه وهي في حديث للنبي يقول فيه (ما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار.) 
يعني بالفلاقي  لا تضر نفسك ولا تضر غيرك ، وأي حاجة فيها ضرر لك ولا ضرر لغيرك يعني تجنبها وما تجي جيهتها مهما كانت و الحمد لله ديننا دين جلب مصلحة وإبعاد المفسدة...
نحس فيك بديت تتكلم زي الشيوخ بجديات ، قال له ممازحا ... وهو يضحك
و الله إلا حالة جديات راه ، أنت لو شفته كيف راقد على السرير ومكسر وفي غيبوبة وأنت تعرف علاش صار فيه هكي؟ مش يوجعك بالله عليك؟ قال وهو يحدق في عينيه... منتظرا منه إجابة...
والله الحق يا سمير يوجع هي الواحد كان بيفرح بتخرجه ومناقش مشروعه ومتكم رويحته يطلع منها تقول كلب من كلاب الرابش مخلطة عليه زيت على دحي على تراب ماناقصه إلا الجرب ويولي كلب رابش جديات مش خريج فرحان بتكميل قرايته وبيستقبل الحياة قدامه... تي حشمة حتى قدام عويلته والله ، إمالا بنات القسم الي يتفرجوا فرحانات...
فتدخل أحد الأصدقاء وقال تبو الحق يا ولاد و الله إلا موضوع أبصر كيف راه إلي صار مش في الحسبان بكل من قال خونا وصاحبنا توة بين الحياة والموت وحني واخذينها لعب وضحك، وهذا غير كلنا نعرفو أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده على قولتك ، والحق أنا لحقت عليه بكم ضربة على عنفقته وروحت لكن ببجديات مش عارف كيف ... قالها بضحكة ممزوجة بحزن
المشكلة توة هذا الي مقتنع أنه جو مليح وأنه ما يبي يفهم ، والله كان يقدر حد ياخذ يرفعه يشوفه ملوح على الفراش في المستشفى ويعرف شن معناها انك تلعب اللعبة هذه ...  
ايح ما إقتنع الا هو ربي يستر والله الأسبوع الجاي قالوا في مشروع تخرج كان ما يصير معه العملة نفسها...

بعد بعض أشهر من تلك الحادثة...

على السرير ممد ، رأسه معصوبة والعين محلقة بهالة بنفسجية غامقة  وأنابيب تخرج من يده وكيس الدم معلق والساق معلقة في الجبس مغروسة واليد في مستواها معلقة مكسورة ... لا يبدو منها إلا أصابع لم تتأثر... بما ألم به والصمت في الغرفة ، وبجانب السرير يجلس ذات الصديق محاولا مواساته بما أصابه بسبب إحتفال أصدقائه بتخرجه كما أصر هو على الإحتفال بتخرجهم ولم يستمع لصوت العقل والنصيحة وتركهم مغاضبا، وها هو الآن يردد ... بصوت خافت... أي والله صدق رسول الله ، لا ضرر ولا ضرار ... لا ضرر ولا ضرار ... نزلت دمعة من عينه وهو مازال يردد لا ضرر ولا ضرار ... رفع إصبعه وقال لا إله إلا الله محمدا رسول الله .. لا ضرر ولا ضرار ... 


شكراً...

أكمل قراءة الموضوع...