بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الثلاثاء، 13 يوليو 2010

قصة حياتي ...

By 1:58 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



كانت بدايتي في مكان مغلق .. حولي الكثير من الناس ... اضواء كثيرة و اصوات اكثر ... اسمع آلات تصفر و روائح غريبة ... جدا ... تلك كانت اول لحظات لي في هذه الدنيا ... و اذا بي اجد نفسي مع مجموعة اخرى من امثالي ممن اجتمعت لحظاتنا الاولى في ذاك الزمن ... وجدتنا نتكاثر كل حين يدخل علينا مجموعة اخرى ... و كنت انتظر ماذا سيحل بي يا ترى ؟ وبيد من سأقع؟

و اذا بنا نؤخذ مجموعة الى مكان مختلف و تم الاهتمام بنا فجميع من هم هناك يرتدون القفازات و يحرصون على نظافة المكان ...

كنت اراقب من هم حولي لا اعرف اين ستكون اتجاهاتهم و من سيأخذهم ... و ماذا سيفعل بهم ...

وجدتني اوضع برفق في سيارة كبيرة ... و انقل الى مكان لم اره من قبل ... كان مكانا رائعا هادئا ... وجدت هناك من هم اكبر مني سنا ... بعضهم لا يزال يحافظ على نظارته و البعض اصبح هرما اخذ منه الزمن نصيبه ...

بقيت هناك انتظر مجيء من سيأخذني وكلما خرج فوج منا بدأنا نسأل يا ترى ماذا سيفعل بهم وماذا ستكون نهايتهم و الى من ؟

في يوم من الايام سمعت الباب يفتح و اذا بهم يتجهون نحوي و يأخذونني مع من كانوا بجانبي ... خرجت و انا كلي امل لا اعرف من سأكون من نصيبه ؟

وإذا به شيخ كبير تبدو عليه علامات الوقار و التعب ... اخذني ومن معي و خرج بنا شعرت بدفء مع هذا الرجل وإذا به يمر على مكان بادله ببعض ممن خرجوا معي و وأعطوه أغراضا اخرى ... حملها ببطء ... وعندما مر من امام احد الواقفين في الشارع كان يبدو عليه علامات الفقر و التعب ... فإذا به يقول له ان يأخذني معه .. ففرح ذاك الرجل بي كثيرا و احتفظ بي بكل تشبث ... ظننته لن يفلتني ابدا وقد اتعبني المكان لشدة نتانته ... ولكن ما لبث ان تخلص مني لطفل صغير ركض بي حتى شعرت معه باهتزازات خلخلت اوصالي وفرحت عندما سلمني لفتاة لطيفة اخذتني منه بكل لطف و لين ووضعتني في مكان شعرت فيه بأنني في وضع امن ... مضى اليوم وأنا في مكاني فرح بما قد وصلت اليه حتى ذاك الحين ... ولكن اليوم التالي كان يخبئ لي قصة مختلفة تماما فقد افقت على صوت صراخ و تهديد و عويل ... و جدتني اجمع مع غيري ليخرج بنا رجل لم يظهر من علاماته إلا الغضب و أنه كان مستعجلا مسرعا الى سيارته و انطلق بنا جميعا الى حيث لا ندري ... بت اسأل من معي اين نحن ذاهبون ؟ لم يعرف احد اجابة السؤال لأننا كنا جميعا نسأل نفس السؤال في نفس اللحظة ...


لم يدم الفضول بنا حتى وجدنا انفسنا بين يدي رجل سمين ... يبتسم ويصرخ في ذات الوقت ... ما لبثت ان اعطانا لامرأة كانت جالسة على طاولة لتقسمنا الى قسمين ، وجدتني مع من اخذ الى حيث عدد كبير من الناس و روائح الطعام تملا المكان ، لم تكتمل فرحتي بخروجي من حيث كنت فلمكان مليء بالزيت و الخبز و السمك ...


امضيت الليلة هناك حتى الصباح اذ دخل رجل متواضع الهيئة فتحدث اليهم فقالوا له ان يأخذني و يمضي في حال سبيله ... خرجت معه فرحا ضنا مني اني قد تخلصت من رائحة الزيت و السمك ،ولكنني اصبت بالحزن و الخوف فقد امسكني بقوة وضغط علي وأخذني الى مكان رث نتن كئيب فقير ... وجدتني مع الكثير من امثالي ينتظرون ، سألتهم منذ متى وانتم تنتظرون ؟

ستة اشهر ، سنة ، يوم ، اربعة اعوام .؟ ومتى الخروج ؟

لا خروج من هذا المكان فمن دخل قد دخل و لم ارى من خرج ... وكان كل يوم يأتي بغيرنا... مرصوصين في قطع قماش ...

انطفأت نفسي ولم اعد املك شهية لفعل شيء ... وبت اتذكر كيف سارت حياتي و كيف انني انتقلت بين من لم يتمسك بي كثيرا فأسعدني وبين من استعملني ففرح بي ومن اخذني فشقى بوجودي و تذكرت ذاك العجوز الطيب الذي اعطاني للرجل الفقير الذي سر بحصوله علي ... و كثير من احداث حياتي تمر الان على من من عائلتي في محافظكم تحملون ... فرفقا بنا فلسنا سوى وسيلة لكي تعيشون

تم اختصار قصتي لان حياتي مليئة جدا بالاحداث ... و القضايا و المصائب و الافراح ... قصصتها عليكم لترحموا بني جلدتي مما تفعلونه بهم في انفسكم .


شكرا


10 التعليقات:

فراشة درنه يقول...

استرسااال رائع يوحي بأنطباع الواقعية أكثر من وخز اوواعز الحزن والأسى.... لكن العبرة في كل التنقلات... كدت اتحسس ايدي الرجل العجوز قسما شعرت بهذا ... كأني كنت هناك من بينه ربما كنت فعلاُ .. فلربما كنت هناك ولم اعد اولم أجد من يقذفني لأخر اوكيف أعبر حتى بنظراتي عما أريد اوعما أرفض
راجع ذاكرتك... هل كنت حقاُ معكم

Unknown يقول...

عرفته من السطور الأولى ليس لذكاء مني
بل لأنني كتبت نفس القصة لموضوع انشاء في أيام الثانوية :)
ولكن قصتي كانت أطول حتى ملئت التجاعيد تلك الورقة واهترئت وتكالب عليه طفلين في يوم حزين فشطرhها نصفين , فجاءت أمهم وقامت بعملية جراحية مستعجلة وكللت بحمد الله بالنجاح
واستمرت الحكاية حتى حصل حادث آخر وفصل الوريقة في نفس مكان الاصابة الأولى فاخذت مستعجلة إلى المستشفى الرئيسي (المصرف المركزي ) للمدينة واستبدلها صاحبها ثم ....

ههههه مازلت اذكر التفاصيل فقد استمتعت بكتابتها ...

تحياتي

عبدالخالق الزواغي يقول...

جميلة القصة ورائعه , لم أعلم ما هو الشيء صراحة ولكني ظننت أنه شيء مستعمل في الحياة دائما ولكن لم أعرف ماهيته إلا في نهاية القصة .
عموما جميلة القصص الرمزية ورائعة ,فكانت أول قصة رمزية قرأتها هي "حي بن يقضان . لإبن سينا علما أظن وكانت تدور بين العقل والقلب أعتقد وحواس أخرى نسيتها لأنني قرأتها منذ نحو ثلاثة عشر عاما مضت .
شكرا عموما

elekomm - إليكــم يقول...

السلام عليكم

دائما تمتعنا بما تكتب ، بالفعل القصة كانت قصيرة مقارنة بما يحدث من أحداث لبطل هذه القصة .

تحياتي

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي فراشة درنة .. جئتي اهلا و تصفحتي سهلا :)

رجائي هو وصول العبرة الى كلنا ...

نظرتنا للامور تختلف بحسب قناعاتنا و بحسب فهمنا للحياة

شكرا لك

خالص تحياتي

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بك اخيتي ...

جميل ان ارجع بك الى ذكرى ادخلت البسمة الى لحظاتك ...


والرجاء كل الرجاء في العبرة و الاستفادة حتى من الابتسامة :)

شكرا لك
خالص تحياتي

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بك اخي عبد الخالق ...


اسعدني تواجدك :)

انه اكثر ما نستعمل في حياتنا و اكثر ما يسعى الى الحصول عليه بنو البشر ضنا منهم انه الباب الجالب لكلي شي بعده ... وليته كان كذلك ولكنه ابدا بعيد عن ذلك ...

ان تفكر بانك الاخر ولست انت لتعرف ما يشعر به وما يحيط به و كيف يعيش ... جميل

شكرا لك خالص تحياتي

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي اليكم ...

استمتاعي يكتمل بتواجدكم و مشاركتكم و تفاعلكم ...

اسعدت جدا بوجودك ...

شكرا لك

خالص تحياتي

عص يقول...

الماعني كثيرة ..... والاسلوب جميل ..... وتاهت مني الافكار .... لكني صرت اخاف أكثر عندما المسهن وساحفظ ع غسل يدي دائما بأذن الله

غير معرف يقول...

مشابهة جدا لقصة أوليفر تويست، نفس الأحداث أ وبنفس المقاييس وإن اختلفت الأوقات .
إلا أن أوليفر تويست لم يزده ما كابده إلا إصرارا في الحياة ورغبة في النجاح لا بل سعيا للتفوق . ولم ينتظر دفعة من آخر ، أو لمسة من قريب ، أو كلمة من حكيم. فماذا فعل بطل القصة.