استفاقة عادية في يوم مشمس و اصوات الحياة تدب في كل الارجاء ... مخلوقات تزقزق و اخرى تطلق ابواق سياراتها و الساعون الى رزقهم مع بداية الاشراق ...
لم يكن المنظر عاديا بالنسبة له ... فلم يرى السقف الذي اعتاد النظر اليه عندما يفيق من نومه ... التفت يمينا ويسارا فلم يرى إلا ظلمة للمكان .. اعتقد انه اغلق الستائر و اطفأ الانوار ... فقام و اشعل النور بعد ان التمس طريقه ... في تلك الظلمة ... ولكن بدا وكان الكهرباء مقطوعة ... فلم تنار الغرفة اعاد الضغط على المفتاح عدة مرات ولكن الظلام مستمر ولا انارة ... اعتقد انه الليل ولكن اصوات المارة و العصافير تعطي علامة بأنه الصباح الباكر ... اتجه الى النافذة لفتح الستائر ... ولكنه وجدها مفتوحة ... ولا يستطيع رؤية شيء في الشارع ...
انتابه شعور ارعبه ... فقد ضن انه فقد بصره ولم يعد يرى ... اقترب من سريره و مد يده الى هاتفه و اتصل بصديقه ...
احمد ... يا احمد ... هل هناك مشكلة في الكهرباء اليوم؟ هل بإمكانك رؤية الشارع ؟ و النهار؟
هل على عقلك انت؟ ام انها مزحة ثقيلة ... صباح الصباح ... و بركات ان شاء الله .. الدنيا مشرقة بالشمس و النسمة عليلة ...
يا احمد لا استطيع رؤية شيء لا اعرف هل لك ان تأتي لزيارتي ؟ اعتقد انني فقدت بصري ... فلست ارى إلا الظلمة من حولي اكاد اجن ... وأنت تعرف انني اعيش وحيدا بعيدا عن اسرتي ... وليس لي من يعينني إلا انت يا احمد ارجوك تعال الي بسرعة ...
حسنا سأحاول اخذ اذن من العمل و اتيك لا تجزع ربما يكون الامر مجرد امر عابر ولست كما تظن قد فقدت بصرك ...
ارجو ذلك يا احمد ولكنني لم اعد ارى شيئا ...
هون عليك ... سأكون عندك حال حصولي على اذن ... سأذهب وأخاطب المدير الان السلام عليكم
لم اعد ارى شيئا ... لا اعرف ما المشكلة ... كل ما هناك انني اشعر بالأشياء من حولي ولكنني لا اراها ... ماذا دهاني يا الله ...
استلقى على سريره .. محاولا فهم ما يجري في انتظار صديقه ... فكر في الاتصال بأهله ولكنه خاف ان يفزعهم الامر و تتضخم المسألة ... فضل ان ينتظر صديقه ... ليتبين الامر ...
مر الكثير من احداث حياته في مخيلته ... و بدأ في التفكير في حياته الجديدة كأعمى ... وكيف سيستطيع العيش لوحده ... و من سيرضى ان يقاسمه حياته و هل سيتقبله اهله و يعينوه على حاله هذه ؟
هل سينفر منه الجميع ؟ وينظر اليه بعين الشفقة ... ذاك المسكين فقد بصره ... ذاك المسكين ليقوده احدكم الى مكان جلوسه ... كيف للعمل ان يقبل بمن هو في حالته ؟ الاصدقاء ... سيتركونه ولن يتقبل حالته الجديدة احد؟ انه لا يستطيع الرؤية ... ماذا سيفعل ماذا سيحل به ... ؟؟؟
كبر الضغط على نفسيته ... احكم قبضته و شعر برغبة قوية في الصراخ ، فتح فمه ليطلق صرخة لعلها تريح صدره من كل تلك الافكار ... اخذ نفسا قويا و تهيأ ... و اذا بالباب يطرق ... و احمد يصيح ... هل انت هناك ؟ افتح الباب ...
نهض من مكانه بسرعة ... متعثرا في الوسادة التي على الارض و في الكرسي التمس طريق الباب و فتحه وهو يقول ... الحقني يا احمد ... لم اعد ارى شيئا ... ويكاد يبكي ... و يصيح ماذا سأفعل الان ... ماذا سيحل بي ...
وإذا بأحمد يضحك ضحكة مدوية عالية كادت تصل الى الشارع ...
كاد يسقط ارضا واستغرب وهو يصيح به ... اتهزأ بي يا احمد ... توقعت ذلك ... عرفت انني سابقى بدون اصدقاء ... انتهت حياتي ... يعرف الاصدقاء في المواقف ...
لا ابدا لست أهزأ بك ... ولكن ان اردت ان ترى ... افتح عينيك يا صديقي ... فلن ترى و عينيك مغمضتين ...
شكرا
9 التعليقات:
موقف طريف فعلا لكن لا يعرف الأصدقاء إلا وقت الأزمات تحياتي لك
القصة جميلة و المضمون اجمل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا بك مجددا ام الخلود
نعم مواقف كثيرة تحدد معادن الناس كما ان هناك الكثير من الناس من يغلقون على انفسهم الكثير من الابواب و لا يستعملون العقول التي وهبها الله لهم
كما وصفو بان لهم اعين لا يبصرون بها و لهم اذان لا سمعون بها ...
بارادتهم لا قهرا
شكرا لك
السلام عليكم
شكرا لك ...
على زيارتك و مشاركتك ...
السلام عليكم
شكرا لك ...
على زيارتك و مشاركتك ...
اعذرني نسبقاً :
"لست كما تضن قد فقدت بصرك"--> تصحيح --> "لست كما تظن قد فقدت بصرك"
السلام عليكم
شكرا لك اخيتي هبة ...
قمت بالتصحيح :)
بارك الله فيك :)
قد غصت بتفكيري لا أدري
ولكن رسالتك تحوي مفهوما أعمق بكثير من اختبار الصديق وهزلية الموقف وحصر الذات ومجابهة الافكار
قد لمست في القصة قدرتنا على اغماض أعيننا أمام ما لا نود أن نراه، أو قد تكون رغبتنافي أن نتعامى هربا من شيء بداخلنا أو فرارا من مجابهة الحياة ، أو هي حقا عدم قدرتنا على رؤية الحقيقة بوضوح جهلا منا تخلفا.
لا أدري هناك العديد من الاحتمالات
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير على العظة
وللأسف من هو منغلق على نفسه لا بصر له ولا بصيرة لا يضحك وإنما يضحك عليه الخلق
إرسال تعليق