بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الأحد، 18 أبريل 2010

"لا تهتم به فهو رخيص ... "

By 1:28 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




بدأ حياته العملية مبكرا ... عمل في الكثير من الاعمال ... استطاع ان يكون له منزل خاص به و سيارة يركبها و اثاث من حر ماله مما قد تعب و عمل لاجله ورزقه الله به ... وكان حريصا جدا على المحافظة على تلك الممتلكات التي هو فقط يعرف ما قد مر به للحصول عليها ...

تزوج منذ اعوام و انهى مهمته الاجتماعية وقد وصل الى ذروة الاستقرار بحسب مقاييس المجتمع ( حوش و مرا وسيارة) وهو الان يعمل ليحصل على المزيد من المال ليكون حاله افضل ...

صوت رسالة يرن في هاتفه وهو مشغول ... بعد حين ... يفتح ليقرأ رسالة من البيت ... جيب خبزة وأنت مروح

فيسجل ذلك في باله و يمر على المخبز ليكون مشهدا متكررا مع الكثيرين ...

يأخذ الكيس فيملأه بالخبز و يا حبذا يكون قد خرج من الفرن للتو فتلك التي خرجت قبل عشر دقائق لم تعد طازجة وليس فيها نكهة و حرارة الجديدة ...

طبع بشري يحب كل ما يعتقد انه جديد و ان كان ما لا يعتقد بأنه جديد ايضا جديد ...

يأخذ عشرة ارغفة من الخبز الصغير ... فيزهو في نظره بعض من الخبز المستدير فيأخذ منه بربع دينار ... ثم يلتفت ليجد الخبز الناعم الذي يكون لذيذا في الامسيات اذا ملئ بالبيض البلدي ... فيأخذ منه ايضا ... و يدفع الحساب الذي لا يتجاوز الدينار ...

ماذا يمكن للدينار ان يشتري غير تلك الكمية من الخبز ؟

الدينار يشتري اربع قطع من الكيك

يشتري قطعة من الشكولاتة الاوربية ويبقى ربع دينار لقنينة ماء

يشتري كيسان من البطاطس المقرمشة صغيرة الحجم و في حالات اخرى يشتري اربعة

يشتري قنينتا ماء لتر ونصف

يشتري علبة تونا و رغيفين و بيضة و حبة طماطم او حبتين

يوصلك الى حيث تريد في الافكو

يشتري لك كراسة و قلم

يشتري دواء مسكن للصداع

أي ان الدينار يمكن ان يفعل الكثير في حياتك وهذه نعمة نحمد الله عليها ...

وهو احد الناس الذين يعرفون قيمة الدينار جيدا فالإتيان به ليس بالأمر الهين ...

يعود بخبزه الى البيت ليضعها ساخنة في المطبخ و يجهز الطعام لنقل انه فاصوليا محضرة بطريقة اصيلة شهية كما يحبها الكثيرون ...

فتستهلك من الخبز الذي اشتريته لتلك الليلة النصف ... فلم يرغب احد الابناء الثلاثة في الاكل و الزوجة كانت نفسها مسدودة ولم ترغب انت في تكرار ما اكلته في الغداء على العشاء فكان استعمال الخبز مع بيضة بلدية و بعض من سلطة ...

انتهى يومك و بداء اليوم الجديد ... عدت من العمل لتجد ان الغداء بطاطس ولحم و مرق ... فأمسكت بالخبز ...ولم يكن طازجا فلم تصلك رسالة لتجلب الخبز ... فسألت لما ؟

فقيل لك ان الخبز الذي احضرته البارحة لا يزال كثيرا وهو صالح للأكل فتغضب و تصيح بأحد الاولاد بان يذهب ويحضر لك عشر ارغفة خبز من المخبز القريب و بشرط ان تكون ساخنة طازجة خرجت لتوها من الفرن ... فتعجله وتنتظر على جوعك

وترمق الزوجة بنظرة تجعلها تعتقد انها قد اساءت اليك وأنها انقصت من قدرك ...

تأتيك العشر ارغفة فتأكل منها رغيفا و يكمل الابناء رغيفين ... و تخرج من البيت ... لتذهب بعيدا عنه لأنك غاضب ... فلا تعود الى البيت الا وقد شبعت عند احد الاصدقاء ...

اليوم التالي .. صوت الهاتف ينبه بوجود رسالة فيطلع عليها و يجد بها رسالة ... جيب خبزة وانت مروح ...

وكذلك يفعل عند عودته ...

لو توقفنا هنا لحظة ... و نظرنا الى سلة الخبز الذي تراكم خلال اليومين الماضيين ... فماذا نقول ؟

ارغفة سليمة لم تمس ... يلقى بها كل يومين لتذهب للخراف

الحصول على الخبز امر يسير وسهل وهو من المسلمات ولست تفكر يوما انك ستفيق لتجد انه لا وجود للخبز اليس كذلك ؟ ...

فليس فيه حرج ان يزيد عن حاجتي او ان القي به الى الشارع او اعطيه لمن يربي الاغنام ... ولست محتاجا لان اهتم به و ان اشتري منه قدر حاجتي فقط خصوصا انه متوفر في كل وقت وحين ... ناهيك عن امكانيتك الى ان تضعه في المجمد ... و تحصل على خبز طازج سخن كل مرة ... ولا اعرف ان كان ذلك يكلف كثيرا ...

فانت تولي اهتماما لكل كبيرة وصغيرة في حياتك و تعرف قيمة كل شي ...

فهل الخبز رخيص جدا بحيث لا يحتاج منا ان نحافظ عليه وان نستهلك منه قدر حاجتنا ؟ و نعيش حياة الترف التي نعيشها و نحن نستهلك الخبز بشكل عشوائي الا من رحم ربي ...؟




شكرا ...

8 التعليقات:

may يقول...

السلام عليكم ورحمة الله

لقد عزفت على الوتر الحساس...

ليصل اليك ما اريد قوله ساسرد عليك قصة من واقعى

فى زمن مضى قدر لى المولى ان امضى خارج بلادنا مدة لا تقل عن سنة كاملة لغرض الدراسة واشياء اخرى...

الخبر كان هناك يشترى بمقدار........

(( بلقرمات )) وتكلفته ليست برخيصة فكنت عندما ابتاع الخبز اجعل له ميزانية خاصة فا رغيف الخبز الواحد طويل الحجم نسبيا يكفينى ليوم كامل من فطور وغداء وعشاء وان اطررت للاكل خارج البيت فما يتبقى منه احاول بكل ما لدى من قوة للاحتفاظ به رطبا غضا لليوم الثانى...

!!!!

هناك اذركت النعمة التى نمتلكها ونتبدخ بها دون حسيبا او رقيب

ملاحظة ...

غلال الخبر فى تلك الدولة لم يكن لفقرها ...لا بل ليقينهم وعلمهم بان الانسان حكيم نفسه وسيحترم الخبز وفتاته الى اخر قطرة .

حتى وان كان الرادع هو غلائها


تدوينة صباحية مشمسة بعد ليلة ماطرة

مى

E73 يقول...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أخذتني صورة الطفل في أول المقال فانبهرت بها وسبحت ربي

وبعد أن انتهيت من قراءة المقال وأنا أتفكر حقًا في أحوال من نراهم يبحثون في أكياس المهملات عن لقيمة أو كسرة خبز عفن

نبهتني هذه الصورة لألئك الأطفال الذين يرتدون جلودهم فوق عظامهم لا يحول بينها لحم ولا يملكون المال ليغطوا جلودهم بما هو دونها

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

اخيتي مي ... وصل بكل تأكيد ما قصدتي ...

و ما ارجوه فعلا ... ان لا نحتاج لان نرفع سعره لكي يعرف الجميع قدره وقيمته و يشركو نعمته ..

ما ارجوه هو ان نشكر النعمة و ان نحافظ عليها .. فطبيعة النعمة الفرار ولا يلجمها الا الشكر و الحمد ... فان لم نفعل لاننا نشكرها ليس لانها تحرق جيوبنا ... فاننا عندها لن نكون مستحقين لها ...

و تعرفين ان رفع السعر غير استهلاكنا في الكثير من السلع كالزيت و السكر و الطماطم المعلب ... في الماضي كانت العلب تنتهي صلاحيتها و المدد مستمر .. ولا يتوقف جلب الطماطم و تكديسه و كذلك السكر و يسكب الزيت وكانه ماء غير طاهر ... اما اليوم ؟

فتغيرت النظرة عند الكثيرين و اصبح الاستهلاك فيها اكثر حرصا .. و صدقا ارجو ان لا نكون بهذا الحمق لدرجة انا ( نخاف ولا نستحي ) الا من رحم ربي ... فخوفنا من خسارة و انفاق المال لغلاء السلعة يدل على اننا لم نشكرها ... و نحمد الله عليها ...


شكرا لك اخيتي ... بارك الله فيك


خالص تحياتي

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

E73 جئتم اهلا و تصفحتم سهلا ...

تذكرنا لاولائك الذين يلبسون جلودهم امر منسي ... فمن يدعون الى النصرانية و العداوة للاسلام ربما يتذكرونهم اكثر منا امة محمد الا من رحم ربي ...

ناهيك عن اننا لم نشكر النعمة التي بين ايدينا .. و ياليتنا نفعل على الاقل لنحافظ عليها ...

رغيف الخبز عندنا ارخص من التراب ربما ... لذلك لا يعطيه الكثيرون اي اهتمام الا من رحم ربي ..

شكرا لزيارتك و تفاعلك


خالص تحياتي

~عذوبهـ~ يقول...

السلام عليكم ..
أسعد الله مساك عزيزي :
ان كان الخبز هو الذي يرمي فهذا هين لانه يذهب الي الخراف , وهناك من امتهن هذه المهنة { يجمع الخبز اليابس من البيوت ونواصي الشوارع ويبيعها لاصحاب الخراف }...
اما الذي يرمي { من الصحن الي القمامة } ولست ابالغ فهو طعام الافراح ..صحن العشاء في المناسبات الاجتماعية ..
يعلم الله صاحب المناسبة صرف كم حتي يوفر لضيوفه { الاكارم } ما اشتهي من الاكل وطاب وويقدم الصحن وبه من السلطاتن والمشاوي والمعجنات وطبعا الارز والمكسرات ..وهما ملعقتان ولا اكثر في كل نوع وتترك الصحن أكثر من نصفه ليرمي به في القمامة ..
هذا ليس قيل قائل ولكني اراه كلما دعوت الي احدي مناسباتنا الاجتماعية..

دمت في صحة وعافية..

bumedian يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا بك اخيتي عذوبه ...

سعيد بوجودك .. :) و تفاعلك


اخيتي .. صحيح ما يكون في الافراح افة من الافات ... و تلك تهمة تلصق بصاحب الفرح الذي كان بمقدوره ان يخفف ووجب عليه ان يخفف لانه من المعروف انهلا يأكل الناس في الافراح خصوصا النساء ... فقكما قلتي ان كانت ملعقتان فقد اكثرت انما هي ربما تأخذ حبة لوز من على الارز و قضمة بسيطة من (بوريكة ) او كعكة العرس ... و البقية لها الله ...

ولكن الخبز . انه امر نتحكم فيه بانفسنا في بيوتنا و لكل رجل او زوجة القدرة على الاهتمام به و عدم اضاعته و التفريط فيه و شكر نعمته ...

ولا اقصد بهذا ان ما يحدث في الافراح صحيح او ان تلك ليست بنعمة انما ذلك يحاسب عليه برأيي صاحب العرس الذي فعلا يعرف و يدرك ان ما يصنع لن يؤكل ...

و ليتنا نتفاهم جميعا و نوقف هذه المهازل و هذا الحمق المتفشي فينا ارضاء للناس و سخطا لله ...

حدثتني والدتي مرة عن احد الاعراس عندما كانت تلبي الدعوات وذلك منذ مدة ليست بقصيرة .. ان اهل العرس قدمو لكل طاولة كعكة كاملة ( تورتة خاصة بكل طاولة ) و تقول والدتي ان تلك الكعكات لم تمس الا ( لحسة باصبع :) ربما ) من كل قطعة اي انها لم تعد قابلة للاستعمال في غير ذاك المكان .. وياليتهم تركوها دون مساس
وهناك الكثير الكثير مما يحدث اعلمه ...


شكرا لك


خالص تحياتي

elekomm - إليكــم يقول...

السلام عليكم

اخي الكريم بومدين ، ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة ، ذلك الشخص الذي بدأ حياته مبكراً بكل تأكيد هناك من جمع له المال ليبدأ حياته وعلى الاغلب ( أبوه ).... وهكذا المجتمع( الا من رحم ربي ) في أغلبه مبذر.

لعل المصيبة أن الباقي من الخبز يذهب إلى الماشية كعلف ، لكن المصيبة أعظم عندما نرى الخبز مختلط مع القمامة والنفايات . احترم كثيراً من يجمعها .

تحياتي

sma_snad يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
.. صورتين مأخوذتين بطريقة رائعة و فنية للطفلين.. إختيار موفق لوضعهما في هذا الموضوع .
إحداهما تعبر عن رغبة الأم في إعطاء المزيد من الطعام لطفلها و هو يتردد و يطبق فمه دليل علي الإكتفاء و الشبع.. ويدل مظهره علي الصحة و العافية
و الأخر يمد كفه إستجداءً و لايكاد يجد ما يسد به رمقه و يقيم به أوده و خير دليل عظام ظلوعه البارزة و التي يمكن لنا عدها و مظهره الشاحب ..
و الله إنها لصورة تنقطع لها نياط الفؤاد ..
نرمي النعم و ندوسها بالأرجل و نشترط فيها الطزاجة و أية طزاجة ... ساخنة جداً .. و غيرنا لايكاد يجد حتي شربة ماء
..
أصلح الله حال البشر
لو كان هناك قوانين تقنن و تفرض قيود لهذه النعم و والحديث هنا فقط علي موضوع الخبز و غيرها كثير ممايبطر به بنو البشر و لايقيمون له وزناً .. لرخصه فعلاً
لو كان سعره كما بالدول المجاورة الذين شاهدتهم بأم عيني يشترون ربع أو نصف رغيف فقط و منهم من لايجد ثمن كسرة منه لكان الحال تغير و لأصبح له وزن و قيمة
الحديث قد يطول و أفضل التوقف الأن .
دمت بخير
و نسأل الله الهداية للجميع