بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الخميس، 13 أكتوبر 2011

خلدون و المخُرِج

By 4:33 م

خلدون و المخُرِج



خلدون...

مواعيد عمله من الساعة الثامنة صباحا حتى الثامنة ليلا مع استراحة بسيطة في منتصف اليوم يقضيها في ذات المكان ...

محل لبيع المواد المنزلية ... له زبائنه المعتادين المترددين صاحب المكان رجل متواضع ولكنه حازم صارم ، يعمل معه خلدون منذ بضعة أشهر فقط يقف صاحب المكان عند نقطة الدفع و يقوم خلدون بالترتيب و تلبية حاجيات الزبائن و الرد على أسئلتهم ...

غاب صاحب المكان و لم يأتي بعد ان جهز خلدون كل شيء كما اعتاد من فتح للمحل و ترتيب البضاعة للعرض و رش بعض المياه أمام المدخل و تعطير المكان برائحة زكية ... وإذا بصوت الهاتف ينادي على غير عادة في تلك الساعة وكان المتصل صاحب المحل يخبره انه اسقطه المرض و أعياه وانه عليه أن يدير المحل بنفسه حتى يتمكن من النهوض و اللحاق به ...

أفكار كثيرة تخاطرت و تهافتت على فكره وهو يفكر في الازدحام وفي الأسعار التي لا يحفظها و الاستراحة و الدخول الى دورة المياه و الإيراد و الحسابات ... ولكنه توكل وقال هذا يوم اختبار ...

سار اليوم الأول على خير و أنهى العمل و حاول الاتصال بمديره ولكنه لم يجب ويبدو انه كان متعبا جدا و مريض ولم يكن لديه من يأتي ليشرف على العمل ...
أتى اليوم التالي و تكرر الأمر ... و لكن في هذا اليوم كان الإيراد قد اجتمع ما بين الأمس و اليوم فكان المبلغ مغريا و لم يحدث أي اتصال أو متابعة ولا يدري صاحب المكان عن المبلغ و قيمة المبيعات ... فراودته نفسه بأخذ بعض المال مقنعة إياه بأنه بحاجة لان يصلح سيارته ...

خرج بسيارته متجها إلى بيته مرورا على المخبز و محل البقالة ... يضع حاجياته في السيارة و يفتح الباب ليركب ... يجلس وإذا بصوت صفير فرامل قوية جدا و كأنه متجه نحوه فيصيح ويضغط على المكابح  و ينظر إلى المرايا ...

المخرج...!
تصطدم السيارة المسرعة التي لم تفلح مكابحها في إيقافها بسيارته بشكل سريع فيتحطم الزجاج و ويتهشم الحديد ليرتطم هو بمقودها و رأسه بزجاجها فيتهشم الزجاج و يجرح في جبهته و انفه يسيل دما مع كسور فيه و قد أطبقت السيارة عليه وهو بداخلها و فكره يدور و هو يفكر في المبلغ الذي اختلسه من حصيلة اليومين الماضيين و كيف انه خان الأمانة ماذا لو فارق الحياة وقد شاهد الموت قريب منه و كل الرسالات تخبر الدماغ أن الألم شديد جدا في كل الأطراف دون تحديد اتجاهات فيسرع الناس إلى نجدته و محاولة إخراجه من السيارة المحطمة ...

المخرج...!
تقع عينيه على السائق وهو يحاول كبح سيارته جاهدا فإذا به يمسك بالمكابح اليدوية فتدور السيارة و تقترب من سيارته لتقف مباشرة عندها و تدفعها دفعة خفيفة وكأنها تلاطفها مع أنها كانت متجهة إليه بسرعة جنونية تكاد تنقلب على نفسها ... دق قلبه مسرعا و ارتعشت أقدامه و ما عادات تحمله و الجميع حوله يكبر و يهلل و يصيح حمدا لله على السلامة لكلاهما وهو يقف وقد خرج من سيارته مذهولا كيف أن السيارة توقفت و صاحبها كان يحاول ركنها بطريقة فنية دعائية ... أتاه احدهم بشربة ماء أخذها وحمد الله على انه لم يطاوع نفسه في اخذ ما لا حق له فيه من مال رجل ائتمنه عليه و أمنه ... و شكر الله على أن سلم سلم ...


بالعودة الى حيث كان خلدون يغلق الحساب ... أي المخرجين كنت يمكن ان تكون ؟



تكبير ... الله أكبر 

3 التعليقات:

النّعاس يقول...

السلام عليكم . . .
لكل إنسان الحق في فرصة ثانية , لكل خاطئ الحق في التوبة . . . و ما هي إلا إنذارات يرسلها الله عز و حل للإنسان المخطئ بأنّه عليه أن يتحرك بسرعة ليصلح أخطاءه قبل أن ينتهي به المطاف على أسوء خاتمة . . .
لو أسقطنا هذا الأمر على الحكومات العربية التي تتساقط الآن هل يمكن أن " تُمنح " فرصة ثانية لكي تًصلح من نفسها ؟ . بالنسبة لي لا أعتقد لأنّها أخذت العديد من الفرص ! .

تحياتي . . .

النّعـاس .

Heba يقول...

كلا المخرجين كانوا أرحم على خلدون من شيطانه .. بعضنا لا تتاح له فرصة ثانية ولا تفتح له الطريق للتراجع ..

تطبيقات يقول...

قصة ممتعة وبها عيزة وعبرة