بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

معركة الأرض ...

By 9:06 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 




في جو مشحون بالكثير من الترقب و الإستعجال و الحيرة … لا يدوم الإنتظار كثيرا ... ليوزع الجميع و يستلم كل منهم معوله ... و يرى طريقه أمامه و يسلكه ... 

بمجرد أن يستلم المعول حتى تتراءى له أرض المعركة ... و يلقي كل مشارك بنظره متفحصا حدود و تقاسيم كل إتجاه ... ليعرف و يحدد بجدارة و دقة في أي الإتجاهات عليه أن يبدأ الحفر ... 
يجهز مساحته و يهيئ قبلته ، ليبدأ بدقة متناهية هجمته … و إن كان من المبتدئين … فإن فرصته في الخروج من هذه المعركة مظفرا تكون ضئيلة جداً … فلا مجال هنا للسهو أو الثرثرة … و لا الإلتفات …

ومع تحديد الإتجاه تحدد كم يجب أن تكون كمية كل غرفة ... و عدد المرات ... كلها حسابات تجرى في ثوان معدودة ... لا تستغرق وقتا طويلا و هناك من المحترفين من يقوم بهذه الحسابات ويده قد باشرت في تحديد مسارها نحو ضربتها الأولى في ساحة المعركة ... 

لا تظنن أن هذه معركة تسقط فيها الرقاب و تسيل فيها الدماء ... لا ... لا تتسرع بالحكم ... فهذا سباق إن صح التعبير ... ولكن شدة إحتدامه تجعله معركة لا سباق ... تعطيه الصفة بصمت ... دون ضجيج ... في السر ... ولكن لا إعتراف بأنها معركة ... ولا إعتراف بأنها إما قاتل أو مقتول ... على العكس تماما ... فترى الجميع يبتسمون لبعض و يتحدثون و كأنهم جلوس يتسامرون ... تتنقل أعينهم لتراقب معاول بعضهم البعض ... و الحسابات تجري بسرعات خيالية ... لأين يجب أن تكون الضربة التالية ... وكيف أستطيع جرف التربة من هنا حتى يسقط الكثب الذي هناك ... و يكون كل ما عليه من نصيبي ... لأتحكم في أكبر جزء من الأرض ... و أسيطر على أكثرها موارداً... دون أن يشعر الآخرين ... دون أن أتوج ملكا أو بطلا و فائزا في هذه الجولة ... هو فوز صامت ... قد يولد غيضاً أو غضبا لدى الآخرين ... ممن شاركو ذات الساحة ... ولكن لا يهم ... فلا أحد منهم يستطيع أن يتكلم في حضرة الفائز و لا أن يلقي عليه أي لوم أو ينتقد أسلوبه الذي إستعمله و إن كان فيه تعدي ... 

يجر المعول مرة بعد أخرى ... يرى معاول الآخرين تغرف أكثر من غرفاته ... يخاف على مركزه أن يكون الأخير ... أن يتأخر ... ان يخسر ... أن لا يحصل على مساحة كمساحاتهم … لا موارد ولا غنائم …

ولكنه في لحظة ... إستطاع قلب الإمور لصالحه ... و أعاد الكرة مرات عديدة ... حتى أحدث في الأرض فجوة كبيرة ... كادت تختلط على الآخرين و تفسد عليهم مساراتهم ... حتى أنه إقترب من أعلى تلة حيث الموارد كالجوائز مرتكزة ... ولا تحتاج منه إلا لضربة واحدة من معوله حتى يسقط كل شيء في أرضه … مساحته هو التي حفرها بيده … و جهده … 
نظر الجميع لبعضهم البعض ... كأنهم يتسابقون ... و كل منهم يعرف أن من يصل أولا يأخذ أولا … 

تحركت يده نحو القاعدة و أدار معوله بطريقة فنية سريعة لم يتسنى لأحد منهم أن ينتبه لخفة يده في براعتها لإستعمال المعول ... وما هي إلا لمسة برأس الملعقة ... حتى سقطت اللحمة الكبيرة الموضوعة بوسط صحن الأرز الكبير لجهته و ظفر بها لوحده ...فكانت من نصيبه هو ... سارع الآخرون لرفع قطعهم قبل أن تسقط كلها في أرضه ... و وضع كل منهم قطعة لحمه أمامه و أعينهم خلسة تنظر لتلك القطعة الكبيرة التي كانت من نصيبه ... ظفر بها و باغلبية الأرز من الصحن ... وما بقي لهم إلا القليل … رغم بذلهم لجهد لا يستهان به في غرف ما إستطاعوا … 




شكراً…

0 التعليقات: