بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الاثنين، 16 يناير 2017

السقيفة...

By 10:32 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 


صوت صراخ و عويل  صادر من السقيفة أفزعه ليهب راكضا والأفكار في عقله تتراص و تتزاحم عن ما الذي يحدث ولما هذا الصراخ... ليجد يد أمه بالدم ملطخة وهي على وجهها و صدرها تندب الحزن و تنوح عند جثة على الأرض في بركة من دماء قاتمة اللون ممددة... 
إقترب مسرعا وفي نفسه حديث إنكار أن يكون هذا الجسد للأخ الأكبر الذي غاب عنهم و خرج عازما على الأخذ بثأر أبيه... فما الذي ألقى به هامدا ها هنا يغتسل بدماء مع دموع أمه إختلطت... 

إنهار على ركبتيه وهو يمسك وجهه و يقول له ، من فعل بك هذا؟ أخبرني من غدر بك و بنا... رفع رأسه لينظر في عين أمه و عينه بالدمع تفيض والعروق بالدماء تحتقن... من فعل هذا! ... لم تجب الأم و لكنها إستمرت في النحيب و النديب وعينها تجوب السقيفة وترفع رأسها إلى السماء تارة و إلى جثة الإبن تارة أخرى... 

قام و خرج متشنجا فاردا صدره يبحث لعله يجد من بأخيه غدر، لم يكن هناك أحد عند الباب غير بعض جيران في صمت واقفين ينظرون وبعض نوافذ أطبقت و أبواب أوصدت خوفا ورعبا... 
وقف في منتصف الطريق أمام البيت و صاح قائلا: أخرج يا جبان أخرج و كن رجلا و واجه رجلا لرجل ولا تكن كالمرأة ضعيفا تغدر ولا تواجه ... أخرج... صاح في أحد الجيران رأيت من فعل هذا؟ تعرف من هو؟ قل؟ 

هز الجار رأسه و كتفيه نافيا معرفته بشيء وهو يدفعه عن نفسه... وكذا فعل الآخر... ومنهم من إلتفت و إنصرف كي لا يسأل ... 

تركه... تجاوز الجميع ونظراته بشرر تتفحصهم... عاد إلى الداخل مسرعا إلى غرفته إنطلق، و ما لبث أن خرج و بيده صانعة أرامل و ثكالى ، أخذ يثخن قلبها بالموت رصاصا ليطلقه على من بأخيه فعل ما فعل ... 
ما أن وصل السقيفة حتى صاحت به الأم أن يتوقف و إعترضته وهي تمسك يديه و تتوسله أن يكف و يأد الأمر في أرضه ولا يزيد أوجاعها عمقا و قد إكتفت بدم أخيه وذاك جرح مقتل أبوه لم يدمل ودمه لم يجف بعد... تمنعه من الخروج و شريط تسارع الحوادث في مخيلتها يمر... لتصيح قائلة... توقف بالله عليك... وما أن نطقتها حتى شعرت بثقل الحمل الذي عجزت قدماها عن حمله فإنهارت على ركبتيها وهي تمسك بيده و تدفع عنه البندقية... تشبث بها ليمنع إنهيارها على الأرض وهو يقول: 
- يجب أن آخذ بالثأر يا أمي... لن أسكت لن أدع الأمر يمر كأن لم يكن... 
تأخذ ثأرك؟... تأخذ بثأرك ممن؟
- ممن قتل أخي و أبي...
- أتدري من قتله!؟ أتدري...
- لن أبيت الليلة قبل أن أشفي غليلي منه ولن أدفن أخي حتى آخذ بثأره...

ستأخذ بثأرك لأفقدك أنت أيضا من أجل دم أحمق؟ وستأخذ ثأرك ممن؟ من إبن عمك الذي قتل أخاك لأنه قتل أباه الذي قتل أبوك لأنه قتل إبنه...  لأنه دهس أخوك الأصغر خطأ في حادثة لم يكن يقصدها، وها هو أخوك حي معافى وما كان ليحدث هذا كله لو أن في الأسرة رجل عاقل يحسن التدبير... وماكادت تكمل حتى إنهارت بالبكاء وخرج من صدرها أنين ثقيل وهي تتمتم ... و من سيبقى لي من بعدك وقد فقدت الجميع في هذه الهيجاء الطاحنة ... التي ملت نفسها...  قلي ما الذي سأجنيه من بعد...
أرخاها على الأرض محتضنا إياها بعمق أرتخى معه جسده ... حتى أحست بالطمأنينة وإرتخت وهي به متشبثة ... لينتفض مسرعا محتضنا الموت مستقبلا الباب ودون أن يزيد كلمة إجتاز السقيفة... و خرج ... 


شكراً...

0 التعليقات: