بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الأحد، 6 سبتمبر 2015

الطفلة و الشيخ ...

By 12:39 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



كل صباح … تفرح قبل أن تفتح عينيها و تفيق … لتكون الإبتسامة هي أول ما تفعله مع شروق أول خيط شمس يتسرب من نافذتها … تقفز كأنها كانت تركض في نومها لتكون أول من يقف أمام المرآة تنظف أسنانها و تجهز نفسها لتكون في طريقها إلى مدرستها … فرحة أنها هذا العام ستذهب إلى المدرسة القريبة … لوحدها … فرحة أنها ستبدأ في الإعتماد على نفسها … بنفسها … و هو أول يوم … اليوم … 

أين حقيبتك … قالت أمها

على ظهري … جاهزة … و إفطارك … أجهزه لك … لتأخذيه معك … جهزته و هو أيضا على ظهري في الحقيبة … قبلت أمها و هي تبتسم و تكاد تطير من الفرحة …  

تنهدت أمها و فرحت بأن إبنتها تجاوزت مرحلة الإعتماد على الغير … ليس تماما فعمرها لا يزال صغير ولكنها بدأت طريقها لذلك … المدرسة ليست بعيدة … 

خرجت من البيت … مسرعة متجهة إلى المدرسة … إختارت أقصر طريق ، تلك الطريق التي علمتها أمها أن تسير فيه و ترجع منه … تتراقص في مشيتها تترنم بنغم … تحبه … تستنشق عطر ورود حديقة بجانبها مرت … تقفز تارة تسير تارة ترسم خطوطا بمشيتها في كل إتجاه … تشق طريقها … و الفرح يسبقها لها يوسع المسار … 

توقفت … دون حركة بشكل مفاجئ … لم تعد تتحرك … كأن شريط الفرحة عندها توقف … و تغيرت الألوان في محيطها … و تجمد كل شيء في عالمها …  أخذت تفكر … ترجع … تتراجع … تقف … تستمر … تمر … تبكي … تصرخ … تتجاهل … لم تعد تدري … فقد أربكها الرعب … 

كان شيخا كبيراً بلحية بيضاء … يقف في حديقة أحد المنازل … منزل كبير و حديقة كبيرة … رث الثياب … قبعته ممزقة … ضخم … واسع الجثة … جسمه يكاد يكون كأحد دواليب البيت التي تخشاها في الغرف المظلمة … و كأنه كان يصفر … أو أنه يترنم … و يتمايل في إنسجام … يداه ممدودتان كأنه يستقبل الرياح  … 

لم يعرها أي إهتمام … و لكنها هناك تسمرت … لم تعد قادرة على المسير … هل سيكلمها … أم أنه قد يعترضها … تحييه … أم تتجاهله … تذكرت كلمة أمها … لا تتحدثي مع الغرباء … ولكنه مخيف … ماذا تفعل … الوقت يمر … لا تكاد تقوى على الحركة … هل من منقذ؟ … هل من مسعف لهذا الموقف … شعرت أنها ما كان عليها خوض التجربة بنفسها … و أحست أنها كان عليها أن لا تصر على أن تذهب لوحدها اليوم … 

لماذا لا يتكلم ؟ ولا يشير إليها ولا … 

أدارت رأسها نحوه … دققت النظر … أمالت جسدها الصغير … رفعت نفسها على أطراف أصابعها لتزيد التدقيق … مدت يدها على سور الحديقة المنفخض … لترى بوضوح أكثر … لتتسع عينها … و تنطلق في ضحكة … عالية … و الدموع من عينيها تندفع … و هي تركض نحو المدرسة … و الضحكة تكاد توقعها أرضاً … 

تشير إليها المعلمة عند مدخل أن هيا أسرعي … ولم تتوقف عن الضحك عندما وصلتها … و الدموع في عينيها من شدة الضحك … فإنحنت المعلمة واضعة يدها على كتفها و سألتها … ما بك ماذا هناك؟ 

فأخبرتها أنها تقابلت مع شيخ كبير في حديقة ذاك المنزل هناك … و إتضح أن إسمه … خيال مآتة … وضع هناك في الحديقة ليحمي ما غرس صاحب المنزل ... 


شكراً...







2 التعليقات:

Eng.Ramez Enwesri يقول...

استمتعت بهذه الحكاية


تحياتي

bumedian يقول...

تسلم اخي :)