بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الثلاثاء، 18 مارس 2014

ثورتي الفاشلة ...

By 12:05 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته



ما كنت اهتم لشيء ... أكثر من اهتمامي لعملي و تربية أبنائي ... و الاهتمام بزوجتي و مطالبها و احتياجاتها ... رغم أني احمل مشاعر عميقة جدا بداخلي ... ولا ارغب من هذه الدنيا بأكثر من النوم مرتاحا وليس لأحد عندي حاجة او دين ، و قد نجحت حتى الآن في تحقيق ذلك ، تمكنت من بناء مسكنين لأبني البكر و أخيه الأصغر ... لم يعني على ذلك احد ... إلا هذا الجبين و عرقه .. بعون من الله ... حياتي بسيطة جدا ... لست متطلبا و تكفيني كسرات خبز و صحن فول لعشائي أنا و أسرتي الصغيرة ... فأن تشبع خمسة بطون بأقل من ثلاثة دينار ، لا يمكن أن يحدث ذلك إلا برضى و قناعة ...

ولكن في احد الأيام ... عندما ثارت ثائرة الشباب ... و سال الدم رفضا لاستمرار الحكم ... فكرت في نفسي ... حقا انه لفترة طويلة جدا أن أصبر على كل هذا ... أقدم كل شيء ولا احصل على شيء ... لما لا أثور؟ لما لا أطالب بحقوقي؟ نعم ... لما لا ...

قالها بتصميم قاطع ... سأثور فخمسة و ثلاثين عاما من الاستعمار تكفي ... يجب أن أثور ... نعم سأثور ... لن اصمت بعد اليوم ...
بعد صلاة العشاء ...

رشف رشفة من فنجان القهوة المتشقق فاقد التقاطيع ... سحب نفسا عميقا و قال لصديقه الذي يجالسه على رصيف الشارع أمام مخبزه ... (و الله معاد فيها كيف خلاص ياسرها ... ) وقام من مكانه متجها إلى بيته ... دون أن يسمع رد جليسه وما كان يقول له و يصيح ...

دخل بيته .. وجد زوجته و أبنائه يتسامرون مع مشاهد من التلفاز ...
نظر إليهم واحدا واحدا وهو يسألهم كيف حالكم؟
رد الجميع بأنهم بخير و أن كل شيء على ما يرام ...

التفت إلى زوجته وقال ... لقد آن الأوان ... لم يعد باستطاعتي القبول بالوضع ، اكتفيت ولن استمر ...

نظرت زوجته وقالت له ... أنت حر افعل ما تشاء (سلم و ليداتي )  ... و هي تنظر إلى أبنائها و ابنتها ...

التفت إلى الابن البكر ... مشيرا برأسه أن ما رأيك ؟

فإذا بالابن الأكبر ... يقف و يكبر للصلاة .. ولا يدري أي صلاة يصليها ...
التفت إلى أخيه الأصغر ... فقال لدي عمل باكرا في الصباح ... و اخذ طريقه إلى غرفته ... دون التفات ...

نظر إلى ابنته ... فإذا بها تقول راكضة ... يا الله لقد نسيت الملابس في آلة الغسيل ...

ولم يبقى إلا هو و زوجته العجوز ...
ساد الصمت ... هدأ كل شيء ...

بعيد صلاة الفجر ... الصديق صاحب المخبز إلى مخبزه يدخل ... ليجد جثة متلملمة على نفسها متكورة حولها ... تحاول جمع الدفء و طرد قرصات البرد التي تحاصره ...

ولكن انتباهه لكون صاحب الجثة لا يزال يتنفس ... أراحه ... فأيقظه ...

أشار إليه ... فشلت ثورتك؟

فرد قائلا ... كالعادة ... لم ترضى عمتك الحاجة بان أتزوج بأخرى ...


شكراً

0 التعليقات: