بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الثلاثاء، 30 يناير 2018

جمال الصدفة … وعمق التواصل من خلف الستار ...

By 10:09 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




تعليق تبعه إعجاب وعليه تعليق آخر ، رد فنقاش ورسالة خاصة إنتقل إليها الحوار من صفحة عامة ليستغرق نصف الليل ومعه قليل   ... 
إنتهى بسلام ولطيف كلام ورد عليه وعليه رد آخر حتى أخذ منهما كما يأخذ سلام العجائز عند الباب من صبر من في السيارة ليقلهم إلى البيت يأخذ .... 
ولكن النوم سبقهما إلي الجفون فتراخت الأصابع عن الكتابة وسقطت الهواتف ودب في الأجساد السكون ، وسافرت الأرواح في عوالمها لتترك إبتسامة على شفتيها وحماس على ملامحه وشجون ... 

يوم جديد حياة لا تتوقف وإن كنت نائما أو قائما تتنفس... بإبتسامة كانت الإستفاقة واليد للهاتف تمتد والكلمة الأولى تكتب لتأتي شبيهتها في الرد ... صباح الخير وكأنها كتبت بشوق يتجدد...  في ذات اللحظة وصلت ذات الكلمات لكل منهما من الآخر فإبتسمت الشفاه ودق القلب فجاء الرد أيضا بذات اللحظة  ... صباح النور...
عصفت الخفقات بالصدور وإرتعشت الأطراف في حبور ، وبدا اليوم نشيطا في الحضور وأنجزت الأعمال بأسرع مما كان من الأحداث حولهم يدور ، وجدد كل منهم إشتراك الإنترنت بهاتفه ولهفة تسابق الأصابع لتعبئة الرصيد وتسجيل الدخول للبريد 
والبدء في حوار ممتد جديد...
كيف كان يومك جاءها تنبيه رسالة...
إستبشرت فيها حياتها كأن الربيع سبق الخريف ومن الفصول أقصاه... وإختفى من حولها الجميع وأخذت تقلّب الأفكار معه ويبادلها الإتفاق والتأكيد على ما تفاعل بينهم من توافق آراء ووفاق لم يسبق لكل منهما إختبار مثيلا له مع كل من في حياتهم مر...
وإذا بجملة تظهر على صفحتها فيها كمّ من التفاؤل تقول... الصدف أجمل من كل تخطيط ... لا تتعب نفسك في البحث دع الصدف تجد نصفك الآخر... وستذهلك النتائج... وتبدلك خيرا مما فقدت...

وكذا كان الحال مع صفحته... قائلا ... من جديد كأنك بنفسك إلتقيت... ولَم تك تدري أنك كنت عمرا في جسد آخر تعيش...

وبينهم كان بصراحة و وضوح عقد الإتفاق منذ البداية أن الماضي أليم لا نريد له إجترار ولا لسرده بيننا حكاية... 
فلم يسألها ولَم تسأله ، فطعم اللقاء ألذ من تعكيره بمرارة الماضي وأخباره... وفضلا الحديث كتابة لتكتمل كل آثاره ... فتمحورت الحياة منذها في تواصل مستمر على تبادل الاّراء و الحديث والضحك والإنسجام كأن الحياة كلها لا تهم... لا دراسة ولا أشغال ولا أعمال... أسرة أو أصدقاء ...ولا تفاصيل أسماء أو صفات... ولا ماضي يهمنا ولا ذكريات... الآن نحن نعيش الحاضر فقط وتصنعنا أجمل اللحظات ... غاب الجميع من عالمهم وحل مكانه كل شيء جميل... حوارات هادفة أفكار عاصفة... رقة ولطافة ، خفة ولباقة... وإحترام للخصوصيات...
اللقاء أكيد قال لها ولا حاجة للتمديد ... بكل تأكيد قالت والصدر منها ينتفض نابضا بلهفة طفل لأول رشفة من حليب أمه شوقا يزيد...
بقي الكيف و المتى حينها دون تحديد... ولكن الشوق للرؤية جعل الموعد غير بعيد... 

وكان يوم اللقاء ... كل جهز النفس وإستعد ليكون أجمل موعد.. لتبدأ معه بقية الحياة ... حياة يحبها الجميع تزهر فرحا وتنبت معها في جسد روح جديدة... 
جلس في المكان المحدد ... و وضع العلامة التي بها ستعرفه دونا عن غيره وتحدد...

تباطأ الزمن وتسارعت الأنفاس ومعها غلبت اللهفة فطلب كوب قهوة ... لعله يأخذ عنه القلق وما إعتراه من إحساس...
أخذ يخبره عن توتره ولكن يطلب أن يعذره... فتلك أول مرة يجد نفسه مكتمل الإحساس... هناك في جنس مقابل دون إرادة يحتاجه ويطلبه ... هذا هو السكن الذي به النفس تحدثه... وهل يا ترى تكون محطة أخيرة تحتضنه... عن ماضيه تعوضه؟

في طريقها للقاء كانت في الهواء تطير... كفراشة تداعب سطح ماء به دوائر ترسم وعليه فرحتها تنقش...
تشعر بخفة ما شعرت بها منذ كانت طفلة... فقد وجدت من أزاح عنها أحمالا نسيت أنها كانت تحمل... وكأنها لم تعد على الأرض بل باتت هناك في براحات الفضاء نفسها تسبح... لا ضيق ولا خوف ، طمأنينة وأمان... 
هل هذا هو أخيرا الإنسان؟ سألت نفسها وهي تحتضنها وتكاد بها تطير ... 
دخلت المكان وعينها فيه تحوم... بحثا عن قدر محتوم... 
رآى أحدهم يدخل فتظاهر بعدم الإهتمام ولكنه كان مركزا ليرى ملامحه... المخفية بنور الشمس المطل من الشرفات...
شعرت أنها لا تستطيع تمييز أحد من الجالسين... كلهم بدوا متشابهين... 
إقتربت أكثر من وسط المكان فبدت أكثر وضوحا فشعر بشيء من الإنقباض وقابله منها حرج وإرتباك ، تنحنح في مكانه والتفت نحو الباب ، أخذت جانبا وجلست تنتظر ... تظاهرت بأنها تطلب كوب شاي بالليمون عليه يُعتصر...
فوقع في سمعه ذلك فالتفت ليركز فيها كما ركزت أيضا فيه... والعينان بحجم العالم تحدق...
فقال ... أنتِ صاحبة السمو العالي؟ بدهشة ردت... 
أأنت الجدير بالثقة الرجل المثالي؟
هز كل منهما رأسه بالإيجاب أن هذا مؤكد إسمه معلق في صفحته على الباب... رشف رشفة من قهوته وأخذ منها كل ما به أخبرها ودون تردد إنصرف...
مرتعشة طلبت إلغاء طلبها وألقت بدراهم على المنضدة وحلمها في المكان تركت وعنه تخلت...

دخلت لحسابها مسرعة لحضره... وإلغاء كل رسائلها وحكاياته... ولكنه سبقها لذلك وأغلق الباب خلفه وإنصرف...
فما كان أي منهما على إستعداد ليعود لطليقه الذي منه نافذا بجلده فر وانطلق...


شكرًا...

0 التعليقات: