بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الاثنين، 29 يناير 2018

ظمأ... دلو و بئر...

By 8:31 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 


بعد طول إنتظار وظمأ طال ليل نهار ، ما أن سمع بوجود بئر ماء قريب ... حتى أخذ دلوه وإتجه لعين المكان الموصوف مسرعا، وقف عنده وضع أغراضه جانبا ، ربط دلوه ولعابه أخذ يسيل أنه أخيرا ... سيشرب ... سيروي ضمأه... 
وقف مكانه أمسك الدلو وطرف الحبل وألقى بدلوه... وكل ما يشغله ويتخيله أن يشرب ... ألقاه فإصطدم الدلو بالتراب ولَم يقع في البئر ولا يلمس الماء كما كان يرجو و يمني نفسه بسماع صوت سقوط الدلو في الماء... 
سحب الحبل وهو يهز رأسه مستغربا ...أعاد أمسك الدلو جيدا ومعه الحبل... ألقاه مجددا ... ولكنه أيضا توقف عند التراب ... أعاد الكرة مرة بعد مرة... حتى أجهد وأصيب بالإعياء وأخذ منه التعب وقارب على فقدان الأمل وسقط جالسا في مكانه... لما لايستطيع أن يوصل الدلو للماء رغم محاولاته العديدة؟! سأل نفسه...
هل هناك مشكلة؟ أخذ يعاين الحبل و الدلو ويقلبه... ولم يكن بالدلو ولا الحبل أي مشكلة... فحدث نفسه بأنه سيعيد التجربة مرة أخيرة... أملا أنها تكون الصائبة...  
وقف نافضا بنطاله مما علق به من تراب، نفض يديه... سحب الحبل وأمسك بالدلو وإستعد في وقفته وهو مصمم على النجاح هذه المرة وإلا فإنه سيعود أدراجه وينسى أمر الشرب ويستمر إنتظاره مع العطش... وما أن حرك يده ليستعد للإلقاء... أتاه صوت من خلفه يقول ... ما الذي تفعله أيها الإحمق؟
لم يلتفت لكي لا يدخل نفسه في مشاكل ورد يثيره ويتطور الأمر وإختار التجاهل وإستعد مرة أخرى رفع يده ... 
ولكن الصوت خاطبه مجدد أنت ما الذي تفعله هنا بهذا الدلو؟ ما الذي تظن أنك تفعله؟
إختلطت الأفكار في ذهنه والتساؤلات تتلاحق تتراص ... هل كان علي أخذ إذن قبل المحاولة؟ هل هو مالك البئر؟ أم هو مالك الارض؟ هل تجاوزت حدودا ما كان علي تجاوزها؟ من يكون هذا المتحدث بثقة كاملة؟ لماذا يصفني بالأحمق؟ 

فأعاد عليه السؤال بحزم أكثر ... قل لي ما الذي تفعله أيها الأحمق؟

عندها فقط إلتفت ليجد شيخا مسنا بلحية كثة كثيفة وحاجبين كادت عيناه تحجب بكثافتهما... وتجاعيد وجهه تكتب مجلدات من تجارب السنين ، يمسك معولا وينظر مباشرة في عينيه ويقول ما الذي تفعله أيها الأحمق؟ 
فرد عليه متفاعلا بشيء من الإنزعاج و الغضب... قائلا لست أحمقا ولا تخاطبني بذلك مجددا أرجوك.

ألقى بالمعول أمامي وقال بل أنت أحمق تحاول إلقاء دلوك في بئر لم يحفر بعد ... ألا ترى أنه ليس هناك أكثر من علامة تقول هنا بئر... إليك هذا المعول ، إبدأ بالحفر إن كنت حقا تريد أن تحصل على الماء ... فلن تحصل على شيء دون أن تقدم له...

شكراً...

0 التعليقات: