السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تنبيه على هاتفه بوصول رسالة نصية أنهى نومته… متثاقلا رفعه و العين بالنوم محملة … ليجد أنها رسالة من شركة النقل بأن شحنة تخصه وصلت و يمكنه الحضور لإستلامها من مركز الشركة…
ازاح الغطاء و هب قائما ولم يلبث طويلا حتى كان يقود سيارته نحو مركز شركة الشحن… ويكاد الحماس يمنعه من الثبات في مكانه وهو يقود سيارته مسرعا…
وصله الدور ليستلم طرده فطلب منه الموظف رقم بطاقة الشحن ليجد طرده وكذا طلب منه تعريفا شخصيا… أعطاه الرقم ولكنه إكتشف أنه نسي بطاقته كما نسي محفظته … فإرتبك قليلا وهو يسأل الموظف عن موعد إغلاق الشركة… وإنطلق عائدا للبيت ليأتي بالمحفظة و البطاقة… وما أن حضر و أعطى الموظف الرقم و البطاقة حتى إستدعي إلى مكتب الإدارة و أعلم أن شحنته لا يمكن إستلامها فهي شحنة مخالفة لشروط النقل… وأنها سيعاد شحنها من حيث أرسلت…
فحاول مجادلة المدير في المسألة و لكنه كان حازما رافضا لتخطي القوانين و اللوائح … حتى سأله عن إسمه بالكامل … وما أن عرف من يكون حتى إبتسم و قال إنتظر لحظة …
شعر بالإرتياح عندما رأى بوادر إنفراج، وأن المدير تغيرت نبرته و ملامحه و بدا عليه أنه يعرف من يكون والده ومن هم أهله وما مركزهم … وما لبث أن عاد المدير وبيده الطرد و وضعه أمامه وقال له… لأننا نعرف أهلك و عشريتك و لأنكم أصحاب فضل علينا… فإننا سنتجاوز المسألة هذه المرة، و لكن لا يمكن أن يكرر الأمر ولن نستطيع السماح بخروج هكذا بضاعة مجددا…
قصد المزرعة مبتعدا عن المدينة رغبة في تجربة ما إستلم بعد نجاته من قوانين شركة الشحن الحازمة إلا على البعض … وما أن وصل حتى إلتقى بن عم له كان في إنتظاره ، أخرج الصندوق و فتحه ليخرج قطعا مفككة أخذ يتبع التعليمات المرفقة ليعيد تركيبها، لينتهي به الأمر ممسكا ببندقية سوداء ذات جودة و تقنية عالية ومتطورة جدا بدت كأنها من أفلام الخيال العلمي… تحسسها وتلمسها و تمسحها وشعر بنشوة غامرة عندما أمسكها مؤشرا نحو أهداف أمامه… وأخذ يجرب مزاياها واحدا واحدا…
كانت البندقية متطورة ذكية لدرجة أنها تنبه لوجود أهداف قريبة و تخبر صاحبها بأوامر صوتية بأن يطلق النار خلال عدد من الثواني قبل أن يطلق الآخر، و تخبر صاحبها في حال إتجاه فوهة بندقية أخرى تجاهه… وقوة نار عالية جدا وبإعدادات متنوعة السرعات و الكثير من المزايا التي تعطي حاملها إمكانيات قوية مهمة في ميدان المعركة…
كان منتشيا جدا لحصوله على هذا السلاح المتطور جدا… ولم يوفر مجهودا في التباهي به أمام أقاربه و أصدقائه الذين أبهرهم منظر البندقية و سحرتهم مزاياها و كل يشعر بالغبطة و ربما الحسد أنها لم تكن له … ولكنهم أجمعوا على أنهم لن يهزموا أبدا بوجود هذه البندقية معهم…
أصبحت البندقية حديث الجميع وهم في مجلسهم يتسامرون دخل عليهم إبن عم لهم أ ينادي أن الفزعة يا أبناء العم الفزعة ....
فتنادى الشباب و هب الجميع … فأخذ بندقيته و خرج مع من خرج وهم قاصدين منطقة مجاورة ليفزعوا لإبن عمهم دون أن يعرف أحد تفاصيل الحادثة إلا أنهم لبوا نداء القرابة و القبيلة و أخذتهم الحمية…
وما أن وصلوا إلى أحد البوابات التي كان يقيمها أهل المنطقة المجاورة حتى تصايح كل منهم وزاد وجود الأسلحة بيدهم من التحدي و تصاعدت والوثيرة وبدا أن الأمر لن ينتهي على خير…
فأخذ كل منهم ساترا يحميه من الآخر وبدأ تبادل إطلاق النار بينهم و الكل يعلم أن تلك البندقية ستحدث فرقا في هذه المعركة… ولكن كان هناك شيئا غريبا يحدث سرعان ما إنتبه له الجميع…
فكلما صوب بندقيته الذكية نحو أحدهم ليصيبه كانت البندقية ترفض إطلاق النار و تصدر أوامر صوتية قائلة… هذا هدف لا يمكن إطلاق النار عليه فهو إبن عمتك… و عندما يوجهها نحو آخر، تصدر أمرا بأن لا يمكن إطلاق النار على هذا فهو أخ لنسيبك و ذاك جاره و هذا إبن بلدك و ذاك صغير السن وذاك تزوج للتو رزق بطفلة… و تمتنع البندقية عن إطلاق النار… ليتكرر الأمر و يصيب الجميع بالدهشة و الذهول فالبندقية ترفض إطلاق النار على من لهم بهم صلة رحم و يربطهم بهم دم أو دين … وهم عازمون على قتلهم…
وما لبث أن إنتبه الآخرين لتوقف إطلاق النار من جهتهم… دون أن يفهموا ما الذي حدث… حتى إقترب الجمعان و سمع كل منهم ما تقول البندقية و فهم ما حدث وأخذوا ينظرون لبعضهم البعض و تعابير الوجه تهدأ وتلين حتى كاد الدمع من بعضهم ينهمر لولا التظاهر بدخول شيء في العين ... أخذهم الندم على ما إقترفوا و ما كان منهم إلا أن ألقى الجميع بنادقهم وإحتضنوا بعض وعادوا لأهلهم ليخبروهم بما حدث لينتهي ما كان بينهم من صراع لا معنى له...
شكراً
0 التعليقات:
إرسال تعليق