السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
دفع الباب و دخل الغرفة مسرعا بعد أن فقد الأمل في الحصول على رد لكل مكالماته التي إعتاد أن يكون الرد عليها قبل أن تكتمل النغمة الأولى و يسمع صوته … ولكنه هذه المرة لم يعد يذكر عدد المحاولات التي إنقضت ولم يأتي الرد ، فخشي أن يكون قد أصابه مكروه أو أن شياء ما قد حدث
ولكن ها هو وجده منكمشا منزويا بجزء من زاوية الفراش يضم ركبتيه إلى صدره ويقضم أصابعه و الرعب والهم باد على وجهه و قلبه يعتصر والجبين مقطب هلعا وجزع ، وحوله مجلات و أوراق مبعثرة وبينها لمح الهاتف على الأرض ملقي على وجهه …
بادرت إليه مقتربا ففزع أكثر و تأخر ملتصقا في الجدار خلفه … كأنه يقول لا تقترب مني لا تلمسني إتركني لوحدي، و تلك النظرة المليئة بالأسى والخذلان التي لن أنساها ما حييت ...
وقفت مكاني… أحاول تقييم الموقف وفهم ما يجري دون أن أدخل مساحته أو أزعجه أكثر و أحاول أن لا أزيده وأخفف عنه… ولكنني بحاجة لأن أفهم ما جرى حتى أستطيع التخفيف عنه …
جلست قبالته على كرسي الخشب و أخذت أطالعه و أدقق فيما حوله وفي المجلات التي كانت متناثرة ملقية مبعثرة حوله وزاد في حيرتي أنني كلما وقعت عيني على صفحة من صفحات مجلة لاحظت أنه يزداد إرتعادا و إهتزازا ورعشة وينظر إلي نظرة خاطفة ويعيد النظر إلى صفحة المجلة ثم يغطي وجهه بيديه وهو يأن ويبكي في صمت وتكاد الأبخرة تتصاعد من رأسه لشدة الحرقة في البكاء و الأنين...
مددت يدي لألتقط مجلة فزاده ذلك رعبا ...
ولكن الصفحات كلها كانت على تصميم جديد لقميص رجالي ... والكلام كله يشير إلى أن هذه هي صرعة الصيف القادم و يروج لها أشهر دور تصميم الملابس في باريس و روما و نيويورك ...
أخذت أقلب المجلات الأخرى وحتى جهازه المحمول لأجد أن كل الصفحات والمجلات تتحدث عن هذه الصرعة الجديدة والإقبال عليها ومواعيد إطلاقها في محلاتها الضخمة حول العالم …
ومع ذلك لم أفهم سر ما أصابه وما يفزعه ويبكيه ويضعه في هذا الحال ويمنعه من الرد على إتصالاتي ...
نظر إليه وقال:
أخبرني ماذا هناك ؟ ما الذي حدث ما الذي أصابك
لم يرد بأكثر من عض إصبعه و هز رأسه بالنفي و ذرف المزيد من الدموع ...
ولكن يجب أن تخبرني حتى أستطيع مساعدتك و حل الإشكال و إنهاء هذا الحال
وقف صامتا يحدق به وهو ينقل نظراته بين صفحات المجلات المتناثرة
فأوما له ليجيب
فقال… اخيراً
إنها كارثة حلت به وأنه لم يعد يدري ما يفعله
ما الذي حدث أخبرني
أخيرا نهض من مكانه مرتعدا مرتبكا والدموع منه تسيل و أنفه معها يسيل و العبرات تخنقه و الوجه يكاد ينفجر حمرة
رفع إحدى المجلات و أشار إلى الصورة فيها وقال… انظر إلى هذا التصميم هل تراه
قال نعم أراه
كيف يمكنني أن أرتدي شيئا كهذا قل لي؟ أخبرني كيف لي؟
لا يناسبك ولا يليق بك بالتأكيد ولكن ما المشكلة هنا ؟
كيف لا مشكلة هي صرعة وتنتشر و لا أرتديها!؟ ولا أحصل عليها ولا يراني الجميع بها وتقول لا مشكلة؟
كيف لي أن أرتدي شيئا كهذا و كيف سمح المصمم لنفسه أن يفكر في شيء مثله و يطلقه على أنه صرعة جديدة و يروج لها الجميع ويعجبون بها و أنا من أتبع الصرعات أولا بأول و أفعل ما بوسعي لشراء كل جديد و إرتداءه كعارض للأزياء و أستمتع بذلك و الجميع يعرفني به …
إنهار وبكى و قال كيف يفعلون هذا بي … كيف … ماذا سأفعل الآن كيف أرتدي شيئا كهذا يظهرني بشكل مقرف غير لائق بي ، حتى و إن فكرت في تغيير حميتي لن يليق لن يعجب أحد … كيف …
وضع يده على كتفه مربتا مهدئا وقال …
لن يكون مقرفا أبدا فقط سيظهرك بمظهر الرجل …
شكراً…
0 التعليقات:
إرسال تعليق