بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الجمعة، 21 نوفمبر 2014

نجاح العملية ...

By 1:15 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 





جهل سوء فهم صياح إطلاقة فدماء ...
ركلت قدمه باب سيارة الاسعاف بقوة والعروق تكاد تنفجر في وجهه ومن رافقه … وهما يصيحان بطلب سرير الاسعاف عند مدخل الطوارئ … 

أسرعا بسحب سرير كان يدفعه موظف الاستقبال … أقبل الطبيب المناوب الذي كان أثر الطبيخ على ذقنه و خده واضحا لتناوله عشاء أتى متأخراً بسبب كسل طاقم الإعاشة وتأخر شراء الخبز الساخن من الفرن القريب …

يمسح فمه بكم القميص الازرق و يسحب الجريح الى الداخل طالبا من المرافق البقاء خارجا بعد ان صدم الباب دافعا اياه بعجلات السرير …

وقف احدهم هناك مشدوها و يداه على رأسه لهول ما رأي من جرح أصاب صدر الشاب … كادت قدماه ان تخونه لكثرة ما رأى من دماء منه تسيل … 

بصوت عالٍ كان المرافق يصيح انقذوه حسبي الله و نعم الوكيل ، و المسعف يحاول تهدئته وهو يشير الى سيارة الاسعاف بأن يخلي المدخل … حتى تهاوى على احد الكراسي في غرفة الانتظار … ليسمع صوت صفير المعدن لجزء الكرسي المكسور يحتك بالارض … 

جلس حتى هدأ دون توقف لأنينه و تمتمته مع نفسه وهو يكرر … لماذا لماذا … حسبنا الله و نعم الوكيل … 

يسأل موظف الإستقبال المسعف عن سبب الحادث فيقول أنه شجار بين شباب أحدهم كان مخمورا و الآخر كان يحاوره ليمنع الضوضاء عن الجيران وهو يتفوه بالفاظ بذيئة و يضرب السيارات و يسب الجميع لأنهم هم سبب فشله و سبب زواج حبيبته و سفرها وهجرانه …  

خافتٌ الضوء في المكان … روائح محاليل التعقيم و الادوية تتسارع الى أنف الجميع … لولا صوت المحطة الغنائية… لكان صوت اجنحة الذباب هو لحن الليلة  … 

يسارع الطبيب إلى غرفة عناية الطوارئ … و على ما يبدو أن المصاب فقد الكثير من الدم وهو مغشي عليه ، و خيرا فعل المسعف بأن وضع ضمادات على الجرح … ولكن الدم لا يزال يتدفق … صاح الطبيب بالممرضات الجالسات يتسامرن على سفرة العشاء … فقامت إحداهن مسرعة مرتبكة والاخرى تتحرك ببطء و هي بليّ شفتيها تتمتم … 

- هذا ما ينقصنا يفتعلون المشاكل يقتلون بعضهم ثم يأتون طلبا للعناية … لا أدري لما يحدث هذا في نوبتي أنا بالذات … 

صاح الطبيب جهزوا غرفة العمليات أطلبي الجراح ليحضر على ما يبدو أن الرصاصة لا تزال في صدره سنجري له العملية مباشرة هيا بسرعة … أعطيه الاكسجين…  

يقول ذلك وهو يحاول تجهيز المكان ووضع السرير المتحرك في مكانه و يرتدي قفازاته … يبحث عن قناع الاكسجين في مكانه … يسأل الممرضة أين الاكسجين ؟ 

نريد معرفة فصيلة دمه … نحتاج دماء … أين القفازات … 

الفوضى عمت المكان بعد أن كان الهدوء يسكنه لخلوه من الحالات في تلك الليلة … و العشاء بقي في منتصفه لم يكتمل …عين تلك الممرضة على قطعة اشتهتها ولم تكملها … خوفا أن يلتقطها أحدهم … قبل أن تعود اليها … 

أدخل المصاب إلى غرفة العمليات في إنتظار قدوم الجراح ليجري العملية … و الكل يحاول تجهيز ما يلزم و يرتب كل شيء في مكانه … الاجهزة كلها تعمل … النبض سليم … 

إذا بالجراح يصل و على ما يبدو أنه كان … مستغرقا في النوم … سأل الطبيب ماذا هناك ؟ 

فوصف له الحالة و أن المصاب في حالة حرجة جدا … و نحتاج الى إجراء عملية مستعجلة جدا و لم نحدد فصيلة دمه بعد و نريد أن … 

علقت كلماته في منتصف حلقه عندما …التفت الجراح و ترك المكان … 

فصاح الطبيب : الى أين انت ذاهب يا دكتور؟ يا دكتور؟

صمت برؤية إشارة منه انه سيعود …

أدخل المصاب إلى غرفة العمليات في محاولة لتجهيز كل شيء لتبدأ العملية مباشرة مع عودة الجراح … 

أوصلت الأجهزة و حددت فصيله دمه و كل شيء جاهز … 

نظر الطبيب إلى الممرضة الوحيدة التي كانت معه في الغرفة و كأنه يسألها أين ذهب هذا الجراح الا يعلم ان الرجل على حاشية الحياة ؟ 

طأطأت الممرضة رأسها متظاهرة بانها ترتب الادوات في مكانها … 

وليس في الغرفة الا صوت نبضات قلب يصدر من تلك الالة … 

قطعها الصوت فتح الباب … دخل الجراح متأنيا وهو يحكم سحب قفازاته … و إذا به يقف ينظر غاضبا ويشير الى الطبيب … 

- من الذي سمح لك أن تضع هذا الجهاز في هذه الناحية ولماذا الأدوات ليست بالترتيب الصحيح و الإضاءة قوية جدا تعرف أني أحتاج إلى بعض الهدوء في الإضاءة لأستطيع التركيز ومع هذا كله أنت لا ترتدي الزي الصحيح للعملية وكأنك أول مرة تدخل عملية معي ماذا دهاك؟ 

وكانت لهجته غاضبة مستفزة … 

فصاح الطبيب في وجهه قائلا … 

- و هل ارتحت أنت بعد أن إرتديت ملابس لائقة بالعملية؟ و هل أحتاج الى تغيير ملابسي كي انقذ المريض؟ 
أنت دائماً تحب الظهور وتحاول القضاء علي لأنك تعلم انني أتقن عملي وربما خياطتي واغلاقي للعملية أفضل من أسلوبك القديم يا من تهتم بربطة العنق اكثر من اهتمامك بمرضاك …

- أنت تقول ذلك لأنك لم تستطع اللحاق بخبرتي وأنت لا تزال مبتدئا ولن تستطيع فعل ما فعلته أنا 

- أنت ما الذي فعلته؟ كل شيء نفعله نحن و يسجل باسمك أنت …

تعالت الأصوات في جدال عقيم وقوده جهل وحقد في العقل عالق ...

وقفت الممرضة محاولة تنبيه الجميع ان هناك مصاب في انتظارهم لإنقاذ حياته ...
زادت حدة الحوار ... ارتفعت اصواتهم … 
في بقايا جهاز عتيق ... علا صوت صفيره معلنا عن تباطوء نبض المصاب ... حتى أطلقت صافرة مستمرة تجعل من رسم النبض على شاشته خطا مستقيما...
بقيت أذان الجميع صماء عن سماع رأي الأخر...

فغطت الممرضة المريض … و إنصرفت … 

ودمعة في الجفن حبيسة… 



شكراً...


1 التعليقات:

هدى محمود يقول...

لا حول ولا قوة الا بالله ...للاسف نهتم بالمضاهر ولا نهتم بالمضمون