السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
بتدافع أمواج بحر في ليلة عاصفة ... تحطم المركب ... و تشتت شمل من كان على متنه ... لم يعد شيئ من المشهد واضحا ... فلم تهدأ الريح ... و تسمح للأمواج أن تستريح ...
عند الصباح مع حرقة سطوع شمس مباشرة ... فتح عينيه ببطء ليجد نفسه ملقياً على رمال بيضاء ناصعة ، و مياه الموج الهادئة تغمر قدميه ... تفقد نفسه ... نهض بصعوبة ... وهو يقذف الماء المالح من جوفه ... تعثر ... حتى وقف ليرى أين هو ... شاكراً أنه نجا ... ليجد نفسه على جزيرة بدت نائية صغيرة جداً ... إن وقفت في حدها ... ترى نهايتها بسهولة ...
سار بعض خطوات ... لينتبه لوجود شخص ملقي على الطرف الآخر من الشاطئ ... ركض نحوه ... قلبه على ظهره ... فنفث من فمه بعض الماء ...
حاول أن يزيح الرمال من على وجهه ... و يقول له ... أنت بخير ... أنت حي ...
نهض الآخر و قال ... ما الذي حدث؟ ماذا يجري هنا ... أين أنا ...
جلس الإثنان ... ينظران إلى الأفق ... يحدقان في الفراغ ...
لم يكن هناك الكثير مما يمكنهما فعله ... جلوس و إنتظار ...
قال أحدهم ... سأسير حول الجزيرة لأرى إن كان يمكنني أن أجد شيئا ... نأكله ... أو نصطاد به أو نشعله ... لعل أحداً يرى الدخان فيأتي لنجدتنا ...
قفز الآخر و قال لا ... سأذهب معك لا تتركني وحيداً هنا ...
لحقه ... و الجوع يأخذ منهما نصيباً ... فسارا حول الجزيرة الصغيرة ... و لم يكن فيها شيء ليسد جوعتهم أو يمكن إحراقه أو إستعماله ليقيهم الشمس ...
اقتربا من صخرة يتيمة في منتصف الرمال ... لعلهم يجدوا بجابها بعض الظل ... إستلقى كل منهما ... و اليأس يدب ... و الجوع ... يقرع طبول بطونهم ...
تزحزح أحدهم ليدفع الرمل بيده ... و يشعر بوخزة شيء معدني يلامس يده ... فقفز من مكانه و أخذ يحفر ... و صاحبه فيه مستغرب ...
و إذا به يسحب مصباح زيت نحاسي ... شكل النقش الذي عليه غريب ... لم يسبق لهما أن رأو مثله ... جلس الإثنان متقابلين ينظر كل منهما إلى الآخر ...
- أتظن ما أظن أنه هو ؟
- لا أعلم ...
- ما رأيك ؟
- نجرب؟
- نعم ...
أخذ المصباح بيده و بدأ يفركه و يحاول تلميعه ، كما يرى في الأفلام ...
فخطفه صاحبه منه و أخذ يفركه هو يقول ... هكذا يفرك المصباح بهذه الطريقة ... هكذا ...
إذا بالمصباح يهتز بين يديه و يرتج ... فألقاه أرضا و إبتعد الإثنان ... ليظهر منه بخار كثيف ... إنتهى بأن ظهر لهما مارد وهو يقول ...
- من أخرجني من نومي بعد كل هذا الزمن ...
نظر اليهما ليجد ... الجوع و الخوف و الذعر قد سيطر على من أخرجه من مصباحه ...
فقال دون تأخير ...
سألبي أمنية واحدة لكل شخص منكما ولا أمنية غيرها ... فأطلب ما تريد و تتمنى و يتحقق في الحال و اللحظة ...
فقفز أحدهما و قال دون تفكير ولا تردد ولا تأخير ... أريد أن أكون مع أسرتي الآن في هذه اللحظة ...
فنفخ المارد نفخة أخرجت سحابة إتجهت نحو الرجل ، غطته و إختفت به في الأفق ...
و الآخر ينظر مشدوها ، غير مصدق لما يجري ... و أخذ يلتفت حوله ... غير واع بما يحدث ...
فتوجه إليه المارد و قال ... و أنت ما أمنيتك ...
نظر إلى المارد بتمعن و أخذ يفكر ... و يفكر ... سار قليلا في تلك الجزيرة النائية التي لا سبيل للخلاص منها ... و لكن ماذا يطلب ماذا يتمنى ...
شعر بالملل و هو يفكر ... فسأله المارد الذي مل بدوره ... ألم تجد ما تطلب بعد؟
فقفز من مكانه وهو يقول وجدتها ... وجدتها ...
الآن أعد لي صديقي ليؤنسني ولا أبقى لوحدي في هذه الجزيرة ...
شكراً...
1 التعليقات:
جميل جدا،ابدعت الوصف.
كنت نتخيل كأني كنت معاهم في الجزيرة 👏 مبدع بصراحة، عجبتني الامنية الثانية 😊.
بالمناسبة العنوان ملائم جدا جدا.
إرسال تعليق