السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
منذ أن بدأت تعي ما حولها ... و هي ترى أنها لأجل هدف ليس بالهين وجدت
في هذه الحياة ... تتعامل مع كل شيء بهدوء تام و بسكينة غريبة ... أدت بوالديها أن
يستشيروا فيها طبيبا حتى يتأكدوا و يطمئن القلب أن ابنتهم لا خلل في عقلها ولا
نفسيتها ... و ما كان رد الطبيب إلا أن قال ... إنها أكثر مني ومنكما صحة و طبيعة
ولا حاجة للقلق بشأنها ...
فما تفسير ما هي عليه من هدوء دونا عن بقية الأطفال ؟
خرجا من عنده و من عند غيره بدون أي إجابة ... وما كان منهم إلا أن
نسوا الأمر و اعتادوا طبيعتها و استمرت حياتهم مستقرة هادئة بنظام دقيق من تدبير و
تحسين لحالهم وتحري للحلال و سعي لتحقيق أمالهم و تطلعاتهم بشراء بيت جديد و
الانتقال إليه ، و ترقية الزوج في عمله ساعدت كثيرا في رفع مستوى دخله و زاد من الإسراع
بالتنفيذ تعقل الزوجة و تدبيرها في منزلها و اهتمامها بتفاصيل كثيرة في حياتهم الهادئة
...
عند العصرية يجلسون في الحديثة يحتسون الشاي و تخبرهم ابنتهم التي أصبحت
في الجامعة عن ما دار من أحداث في يومها و هي تمسك دفترها تراجع درسا لها ...
الأب يبتسم و ينظر لامها وكأنهما يخبران بعضهما عن ما كان منهما في
شبابهما عندما كان يحاول معرفة عنوان بيتها لكي يطلبها من أبيها و كيف انه وجد
صعوبة كبيرة جدا لأنها كانت حيية جدا ولم تكن تبقى في الجامعة بعد إنهاء محاضراتها
... و كيف انه تبعها إلي بيتها حتى عرف العنوان ليرسل أمه لتخطبها له ...
صوت جرس الباب ...
فتح الأب الباب فإذا بامرأة يبدوا عليها الحشمة و الحياء و الوقار ومعها
ابنتها تسأل عن زوجته ...
دخلت الزوجة إلى غرفة الاستقبال ببشاشة مرحبة بالضيفة و ابنتها ترحيب
و كأنها تعرفها منذ زمن بعيد جدا ... وأخذا يتجاذبا أطراف الحديث ... حتى قالت
السيدة ... أنها أتت لتطلب يد ابنتها لابنها ...
و كان ذلك بعد أن عرفت بنفسها و بأسرتها و بكل ما يجب أن تعرفه والدة
الفتاة ... فقابلتها ابتسامة فرحة من والدة الفتاة و أبدت قبولها المبدئي بالأمر
شرط أن تستشير والد الفتاة في الأمر و تعرف رأيه لتستطيع الرد عليها بالقبول
المبدئي من عدمه ...
أبدى الأب موافقته المبدئية بعد أن عرف أصل الشاب و أهله و أسرته و
سيرة أبيه و عرف انه يعرف أصدقاء مشتركين بينهم وانه سبق أن قابله في اجتماع في
احد المهمات في عمله ، أخبرت الفتاة بذلك فكان جوابها الاستحياء و الركض إلى
غرفتها ...
ابتسم الأبوين و اخبر الأب انه سيسأل عن الشاب بشكل دقيق حتى يتأكد انه
أهل لأن يكون زوجا ... و أخبرت الأم أنها ستسعى لمعرفة معلومات من وسطها النسائي
عن الأسرة و الأم و تجمع ما استطاعت من خيوط لتدلهم عن مناسبة هذا الخاطب لابنتهم
من عدمه ...
رفعت الأم السماعة ... و أخبرت والدة الشاب بأنهم وافقوا على الخطبة و
دعت بان يتمم الله عليهما بالخير ، فحددت والدة الخاطب موعدا لحضور ابنها ليرى
الفتاة و تراه في حضور الأهل ...
وكان تحديد موعد حضور الرجال لإتمام الخطبة الرسمية ... التي فيها تم
الاتفاق على مهرها و ما يشترط لها منه ولم ينتهي اللقاء حتى حدد موعد الفرح و كانت
الفرحة تغمر الجميع ... في ذاك الاجتماع الذي انتهى بالدعاء للخاطبين بالخير و
الصلاح و بان يكون هذا تطبيق لسنة الحبيب في الخير لإكثار ذرية تعرفه حق معرفته
...
جلس العريس لعروسته بعد عودتهما من سفر الفرح ... مبتسما ينظر إليها و
السعادة تغمره ... و اخبرها أن كأنه يعرفها منذ ولادته ... و كأنه كان يعيش حياته
كلها معها ولم يتفارقا أبدا ...
استمرت حياتهم في ترتيبها الذي وضعوه ليهتم كل منهما بما يكمل الآخر وكانت
تطبق كل ما تعلمته من والدتها لتعين زوجها لتجد منه العون لتحقيق هدف حياتهم ...
حتى أتي اليوم الذي تغيرت فيه حياتهما ... ولم تعد كالسابق أبدا ...
تغير جذري عصف بهما معا ... قلب كل موازينهما ... و زادهما غرقا ...
ذاك اليوم الذي لم يعد فيه هو كما كان هو قبل ذاك اليوم ... و لم تعد
فيه هي كما كانت هي قبل ذاك اليوم ...
فقد أصبح بيتهما أكثر ازدحاما ... بعد أن رزقا بمولودة كأن القمر
يشبهها ... هادئة ناعمة لطيفة حلوة ... أحلى من قطعة حلوى عليها رشة سكر ...
ضحكتها غيرت حياتهما و زادتها استقرارا ... و أغرقتهما أكثر في حب طاهر
عفيف راقي ... يرجون ثمرته الأبدية عند رب البرية ...
وها هو اليوم الذي يجلس فيه الاب مع زوجته ... لتحكي لهم ابنتهم عن ما
صنعت في الكلية ...
شكراً
0 التعليقات:
إرسال تعليق