بقعة واحدة ، لسان واحد ، سماء واحدة ، والبحث عن الاتفاق الجوهري

.

الجمعة، 29 يونيو 2012

برعاية الوزير...

By 8:23 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 






- الحاج مريض يا خليفة 
- ألف لا باس عليه إن شاء الله
- والله لا بيه لا عليه كان زي الحصان فجأة طاح طيحة وحدة 
- لا حول ولا قوة إلا بالله 
- شن الرأي كيف يصير معاه؟ نمشو بيه لتونس؟
- لا ليش تونس ! نكلموا ولد عمك فرج يديرلنا رأي في الموضوع مستعجل 
- لكن يا خليفة عمك الحاج تعبان طلعته من البيت بطلعات وفيها تعب له فنبو برنامج مضمون
- ولا يهمك بكل خليها شوري

بعض المكالمات والاتصالات والمشاورات و إلقاء الملامات ...

وسط زحام العامة في المدخل والاستقبال والممرات دخل علي إلى المستشفى المركزي وطلب أن يدله احدهم إلى الغرفة التي بها جهاز تصوير الرنين المغناطيسي ذاك الجهاز الضخم الذي ينام فيه المريض ليتم تصويره والكشف عليه
اقترب علي من الفني الذي يشغله وقال 
- هذه رسالة لك من الوزير
قراء الفني الرسالة ورد بكامل تعابير الاستغراب والرغبة في طاعة ما جاء من أمر في الرسالة 
- ما عندي مانع أبدا بس يوافق مدير المستشفى
- وين المدير نمشوله ولا عطيني رقمه نكلمه
- نركبوله في مكتبه توة و أنا معاك 

عند سكرتارية المدير في المكتب الكبير جداً ... الكثير الأبواب والأجواء المختلفة تماماً عن المستشفى والتي لا توحي أبدا انك في مستشفي ، سكرتيرة تحاول أن تضفي على نفسها بعضا من البريق والحسن ، للتو رجعت من المشاركة في احد عروض السرك للمهرجين على ما يبدو ... رغم انه لا وجود لسرك في هذه المدينة ولا هذا البلد

طلبا مقابلة المدير الذي كان في اجتماع ، فانتظره ... 

حتى فتح باب مكتبه الذي اخرج هواء باردا مع خروج فتاة تكاد تنفجر مفاتن جسدها من ضيق ما ترتديه والابتسامة تمزق خديها وهي تقول
- بااااي 

دخل خليفة والفني إلى المدير وأعطياه الرسالة فرفع سماعة الهاتف وأجرى اتصالا وهو ينظر للورقة وعلي والفني مرة بمرة ، أغلق السماعة ووضع توقيعته علي الورقة بان لا مانع وأحالها إلى الإجراء السريع المباشر... 
كيف لا وهي رسالة من الوزير و بخط يده ، وأكدتها المكالمة المباشرة بالتنفيذ العاجل
خرج خليفة والفني إلى الممر فسأله الفني
- امتي بيجو؟
- توة نتصل بيهم يجو وقتي
- اوك نوتي كل شي علي جيتهم


أخذ خليفة الهاتف واتصل بفريق الفنيين ليحضروا حالا لفك جهاز الرنين المغناطيسي لحمله وتركيبه ببيت الحاج المريض لتلتقط له صورة
وكان كل ذلك برعاية معالي الوزير و فخامته


شكرا ... 


أكمل قراءة الموضوع...

الأربعاء، 27 يونيو 2012

لمسة من تاريخ...

By 6:32 م

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته




هواء منعش عند ذاك الارتفاع الأخضر المطل على صفحة الماء المالحة في الأفق ...

وصل ومن معه إلى حيث كانت هناك بقايا من كان هنا يعيش ، مباني ضخمة ... على ما يبدو من أحجام الصخور التي تناثرت و قد رمم بعضها ووضع كيفما كان سيكون فيما مضى ، بدا واضحا أن تلك الأماكن كانت تضج بالحياة و الناس قد استقروا فيها و شيدوا ما شيدوه فبقي حتى سار بين حطامه و كأنه يراهم يسيرون في شوارع مدينتهم و يتسوقون و يقفون أمام معابدها و يطارد الأطفال بعضهم بعضا في كل ثناياها .

سار لوقت ليس بالقصير ، فالمكان شاسع مترامي الأطراف و كلما اتجه بنظره في اتجاه رأى بعضا من بقاياهم ، بعضها قيل انها قبورهم و بعضها كانت معابدهم و أخرى كانت مسارح و أسواق ، وكثير من التماثيل ، لكل تمثال قصة و خرافة آلهة من آلهتهم و كأن المكان لم يكن يعيش إلا بالأساطير أو فيها .

أحس بين تلك الأحجار أن من بناها قد بناها وكأنه لن يفارقها أبدا ، فالإبداع و الفن و الهندسة منقوشة على كل حجر حتى ما يظهر انه مهمل منه ، تفاصيل المدينة مما رمم تظهر حقا أن من عاش هنا كان يملك أملا  و لأجله عمل و كد ، رغم انه منذ أن بدأ مسيرته في هذا المكان لم يرى منهم أحدا و لم يصادفه إلا ما خلفوه من أثار وكأنهم لم يكن لهم كائنة .

تعب و إرهاق المشي في تلك التلال و ما بين الجبال و الأشجار... يمينا وشمالا في كل مكان ذهب منبسط ، ذهبٌ تنبته الأرض يعيش به الفقراء و الأغنياء .

ما بين تلك الصخور القديمة وجد صخرة أغرته أن يريح نفسه بالاتكاء عليها ... اقترب منها وكانت وكأنها لم تمس من قبل.

تنفس بعمق و اقترب من الصخرة وما أن وضع يده عليها حتى أحس ببعض الدوار فسحب يده عنها ، نظر حوله و ركز بنظره في الصخرة و كأنها سببت له غثيان ، لم يعر ذلك اهتماما فلعله الإرهاق و تعب السير في ذاك الهواء المنعش الذي كان الاعتياد عليه ميزة من المزايا التي لم يجدها في مدينته التي فيها يعيش ، عاد إلى الصخرة ووضع يده و اتكأ ليجلس فإذا بما حوله يتبدل و يتغير و يسمع اصواتا و يرى أناس لم يكن لهم وجود عندما اقترب من تلك الصخرة .

اتسعت حدقتاه استغرابا ، وجد نفسه وسط سوق يضج بالمارة و الباعة و المتسوقين ، كانت ثيابهم و كأنهم من حقب ما قبل الميلاد،

وقف مشدوها لبرهة ينظر حوله يتفحص ما به يحيط ، يحاول استيعاب ما يحدث ، حتى بدأ يرى لمعان نظرات المارة و الأمل الذي كان بها و الرغبة التي تحذو الجميع في أن يقوم بعمله و كأنه لن يترك المكان أبدا ، فمن كان يبني و ينحت ، رآه يعمل بجد و نشاط و حاله يقول سأكمل هذا البناء و أبقى فيه دائما لن ابرحه و سأستريح من عناء العمل و سيكبر أبنائي هنا و سيدوم لنا ولن يضيع منا ولن نتركه أبدا ، كما كان من يفاصل على بضاعته و يحاول أن يكسب أكثر...

نظر مجددا إلى الجميع حاول الصراخ ليخبرهم بأنهم لن يبقوا فيها و أنهم إلى نهاية و اختفاء سائرون وانه يرى بقاياهم اليوم وبينها  يسير ، ولكن لا احد كان يسمعه ولا احد كان يراه و إليه يلتفت ...

طفل صغير يتجه نحوه ينظر إليه ، ففرح لعله يخبرهم بما يعرفه و يحذرهم لان يعملوا من اجل ما يراه من بقاياهم اليوم و إلى ما سيصيرون إليه ، ولكن الطفل عندما اقترب منه اخذ حجرا مستديرا كان أمامه و ركض مسرعا مبتعدا ...

رفع يده عن الحجر... نظر حوله فإذا بالحطام في كل مكان كما كان ، و الأعشاب علت على الصخرة التي كان احدهم يعرض عليها فاكهته ولم يبقى لكل أولائك القوم باقية ... شعر بحزن شديد بعد أن شاهد كل ذاك الأمل و الاجتهاد في حياتهم ، و اليوم ليسو إلا قصص رآهم في لمسة من تاريخ ...


شكرا




أكمل قراءة الموضوع...